المسألة الخامسة والعشرون
في الإرادة والكراهة
قال : ومنها الإرادة والكراهة وهما نوعان من العلم.
أقول : من الكيفيات النفسانية الإرادة والكراهة وهما نوعان من العلم بالمعنى الأعم وذلك لأن الإرادة عبارة عن علم الحي أو اعتقاده أو ظنه بما في الفعل من المصلحة ، والكراهة علمه أو ظنه أو اعتقاده بما فيه من المفسدة ـ هذا مذهب جماعة ـ وقال آخرون إن الإرادة والكراهة زائدتان على هذا العلم مترتبتان عليه لأنا نجد من أنفسنا ميلا إلى الشيء أو عنه مترتبا على هذا العلم. وهي تفارق الشهوة فإن المريض يريد شرب الدواء ولا يشتهيه.
قال : وأحدهما لازم مع التقابل.
أقول : الذي فهمناه من هذا الكلام أن أحدهما أي إرادة الشيء تستلزم كراهة ضده فإن الكراهة للضد أحدهما يعني أحد الأمرين إما الإرادة أو الكراهة لازم للإرادة للشيء مع تقابل المتعلقين أعني الشيء والضد وهذا حكم قد اختلف فيه فذهب الأكثر إليه وذهب قوم إلى أن إرادة الشيء نفس كراهة الضد وهو غلط من باب أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات.
ويحتمل أن يكون معنى قوله وأحدهما لازم مع التقابل أي أن أحدهما لازم للعلم قطعا إذ المعلوم إما أن يشتمل فعله على نوع من المصلحة أو على نوع من المفسدة فأحد الأمرين لازم لكن لا يلزمه أحدهما بعينه للتقابل بينهما بل اللازم واحد لا بعينه.
قال : ويتغاير اعتبارهما بالنسبة إلى الفاعل وغيره.
أقول : الذي يظهر لنا من هذا الكلام أن الإرادة والكراهة يتغاير اعتبارهما بالنسبة