زائد على حسنه فإما أن يستحق المدح بفعله والذم بتركه وهو الواجب أو يستحق المدح بفعله ولا يتعلق بتركه ذم وهو المندوب أو يستحق المدح بتركه ولا يتعلق بفعله ذم وهو المكروه فقد انقسم الحسن إلى الأحكام الأربعة الواجب والمندوب والمباح والمكروه ومع القبيح تبقى الأحكام الحسنة والقبيحة خمسة.
قال : وهما عقليان للعلم بحسن الإحسان وقبح الظلم من غير شرع.
أقول : استدل المصنف ـ رحمهالله ـ على أن الحسن والقبح أمران عقليان بوجوه هذا أولها وتقريره أنا نعلم بالضرورة حسن بعض الأشياء وقبح بعضها من غير نظر إلى شرع فإن كل عاقل يجزم بحسن الإحسان ويمدح عليه ، وبقبح الإساءة والظلم ويذم عليه وهذا حكم ضروري لا يقبل الشك وليس مستفادا من الشرع لحكم البراهمة والملاحدة به من غير اعتراف منهم بالشرائع.
قال : ولانتفائهما مطلقا لو ثبتا شرعا.
أقول : هذا وجه ثان يدل على أن الحسن والقبح عقليان وتقريره أنهما لو ثبتا شرعا لم يثبتا لا شرعا ولا عقلا والتالي باطل إجماعا فالمقدم مثله بيان الشرطية أنا لو لم نعلم حسن بعض الأشياء وقبحها عقلا لم نحكم بقبح الكذب فجاز وقوعه من الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا فإذا أخبرنا في شيء أنه قبيح لم نجزم بقبحه وإذا أخبرنا في شيء أنه حسن لم نجزم بحسنه لتجويز الكذب ولجوزنا أن يأمرنا بالقبيح وأن ينهانا عن الحسن لانتفاء حكمته تعالى على هذا التقدير.
قال : ولجاز التعاكس.
أقول : الذي خطر لنا في تفسير هذا الكلام أنه لو لم يكن الحسن والقبح عقليين لجاز أن يقع التعاكس في الحسن والقبح بأن يكون ما نتوهمه حسنا قبيحا وبالعكس فكان يجوز أن يكون هناك أمم عظيمة تعتقد حسن مدح من أساء إليهم وذم من أحسن كما