لصيرورته هواء بعد أن لم يكن ، فقد تجدد له هذا الاستعداد ثم إذا برد زال ذلك الاستعداد وأما الإمكان الذاتي فقد بينا أنه لا يمكن زواله عن الممكن فتغايرا.
المسألة الثالثة والثلاثون
في القدم والحدوث
قال : والموجود إن أخذ غير مسبوق بالغير أو بالعدم فقديم وإلا فحادث.
أقول : هذه قسمة للموجود إلى القديم والحادث وذلك لأن الموجود إما أن يسبقه الغير أو لا يسبقه الغير فالأول هو الحادث والثاني هو القديم وقد يقال إن القديم هو الذي لا يسبقه العدم والحادث هو الذي يسبقه العدم.
قال : والسبق ومقابلاه إما بالعلية أو بالطبع أو بالزمان أو بالرتبة الحسية أو العقلية أو بالشرف أو بالذات والحصر استقرائي.
أقول : لما ذكر أن القديم هو الذي لا يسبقه الغير أو العدم على اختلاف التفسيرين ، والمحدث هو الذي يسبقه الغير أو العدم ، وجب عليه أن يبين أقسام التقدم والسبق ومقابليه أعني التأخر والمعية.
وقد ذكر الحكماء أن أقسام التقدم خمسة :
الأول : التقدم بالعلية وهو كتقدم حركة الإصبع على حركة الخاتم ولهذا فإنه لو لا حركة اليد لم تحصل حركة الخاتم فهذا الترتيب العقلي هو تقدم بالعلية.
الثاني : التقدم بالطبع وهو أن يكون المتقدم له حظ في التأثير في المتأخر ولا يكون هو كمال المؤثر وهو كتقدم الواحد على الاثنين والفرق بينه وبين الأول أن المتقدم هناك كان كافيا في وجود المتأخر والمتقدم هنا لا يكفي في وجوده.
الثالث : التقدم بالزمان وهو أن يكون المتقدم موجودا في زمان متقدم على زمان المتأخر كالأب والابن.