الرابع : التقدم بالرتبة وهي إما حسية كتقدم الإمام على المأموم ، أو عقلية كتقدم الجنس على النوع إن جعل المبدأ الأعم.
الخامس : التقدم بالشرف كتقدم العالم على المتعلم وكذا أصناف التأخر والمعية.
ثم المتكلمون زادوا قسما آخر للتقدم وسموه التقدم الذاتي وتمثلوا فيه بتقدم أمس على اليوم فإنه ليس تقدما بالعلية ولا بالطبع ولا بالزمان وإلا لاحتاج الزمان إلى زمان آخر وتسلسل ، وظاهر أنه ليس بالرتبة ولا بالشرف فهو خارج عن هذه الأقسام وهذا الحصر استقرائي لا برهاني إذ لم يقم برهان على انحصار التقدم في هذه الأنواع والقسمة إنما تنحصر إذا ترددت بين النفي والإثبات.
المسألة الرابعة والثلاثون
في أن التقدم مقول بالتشكيك
قال : ومقوليته بالتشكيك وتنحفظ الإضافة بين المضافين في أنواعه.
أقول : اختلف الحكماء هنا فقال قوم إن التقدم مقول على أنواعه الخمسة بالاشتراك البحت وهو خطأ فإن كل واحد من التقدم بالعلية والطبع قد شارك الآخر في معنى التقدم وهو أن كل واحد من المتقدم وجد له ما للمتأخر دون العكس.
وقال آخرون إنه مقول بالتشكيك لأن الأصناف تشترك في أن المتقدم بما هو متقدم له شيء ليس للمتأخر ولا شيء للمتأخر إلا وهو موجود للمتقدم وهذا المعنى المشترك يقال لا بمعنى واحد فإن المتقدم بالعلية يوجد له التقدم قبل التقدم بالطبع والتقدم بالطبع قبل سائر أصناف التقدم وفي هذا بحث ذكرناه في كتاب الأسرار.
وإذا ثبت أنه مقول بالتشكيك بمعنى أن بعض أنواع التقدم أولى بالتقدم من بعض ، فاعلم أنا إذا فرضنا ا متقدما على ب بالعلية وج متقدما على د بالطبع كان تقدم ا على ب أولى من تقدم ج على د وحينئذ ب أحد المضافين أولى بتأخره عن الألف المضاف الآخر ، من تأخر د عن ج فانحفظت الإضافة بين