المركب مركبا باعتبار القياس إليه فيتحقق الإضافة بينهما وهذا كالحيوان فإنه بسيط بالنسبة إلى الإنسان على معنى أنه جزء منه فيكون أبسط منه وإذا أخذ باعتبار التضايف تعاكسا مع اعتبارهما الأول أعني الحقيقي عموما وخصوصا وذلك لأنهما بالمعنى الحقيقي متنافيان لأن البسيط لا يصدق عليه أنه مركب بذلك المعنى وإذا أخذا بالمعنى الإضافي جوزنا أن يكون البسيط مركبا لأن بساطته ليست باعتبار نفسه بل باعتبار كونه جزءا من غيره وإذا جاز كون البسيط بهذا المعنى مركبا كان أعم من البسيط بالمعنى الأول فيكون المركب بهذا المعنى أخص منه بالمعنى الأول فقد تعاكسا أعني البسيط والمركب في العموم والخصوص باختلاف الاعتبار.
قال : وكما تتحقق الحاجة في المركب فكذا في البسيط.
أقول : الحاجة تعرض للبسيط وللمركب معا فإن كل واحد منهما ممكن وكل ممكن على الإطلاق فإنه محتاج إلى السبب فالحاجة ثابتة في كل واحد منهما.
وقد منع بعض الناس احتياج البسيط إلى المؤثر لأن علة الحاجة إنما هي الإمكان وهو أمر نسبي إنما يعرض لمنتسبين فما لم تتحقق الاثنينية لم تتحقق الحاجة ولا اثنينية في البسيط فلا احتياج له.
والجواب : أن الإمكان أمر عقلي يعرض لمنتسبين عقليين هما الماهية والوجود وتتحقق باعتباره الحاجة لكل واحد منهما إلى المؤثر.
قال : وهما قد يقومان بأنفسهما وقد يفتقران إلى المحل.
أقول : كل واحد من البسيط والمركب قد يكون قائما بنفسه كالجوهر والحيوان ، وقد يكون مفتقرا إلى المحل كالكيف والسواد وهما ظاهران ، إذا عرفت هذا فالمركب من الأول لا بد وأن يكون أحد أجزائه قائما بنفسه والآخر قائما به والمركب من الثاني لا بد وأن يكون جميع أجزائه محتاجا إلى المحل إما إلى ما حل فيه المركب أو البعض إليه والباقي إلى ذلك البعض.