المسألة الرابعة
في أحكام الجزء
قال : ولا بد من حاجة ما لبعض الأجزاء إلى البعض ولا يمكن شمولها باعتبار واحد.
أقول : كل مركب على الإطلاق فإنه يتركب من جزءين فصاعدا ولا بد من أن يكون لأحد الأجزاء حاجة إلى جزء آخر مغاير له فإنه لو استغنى كل جزء عن باقي الأجزاء لم تحصل منها حقيقة واحدة كما لا يحصل من الإنسان الموضوع فوق الحجر مع الحجر حقيقة متحدة فلا بد لكل مركب على الإطلاق من حاجة لبعض أجزائه إلى بعض.
ثم المحتاج قد يكون هو الجزء الصوري لا غير كالهيئة الاجتماعية في العسكر والبلدة في البيوت والعشرية في العدد والمعجون عن اجتماع الأدوية.
وقد يكون هو الجزء المادي كالهيولى في الجسم ولا يمكن شمول الحاجة بأن يكون الجزء المادي محتاجا إلى الصوري والصوري محتاجا إلى المادي إذا أخذت الحاجة باعتبار واحد لأنه يلزم الدور المحال.
وقد تشمل الحاجة الجزءين معا لا باعتبار واحد كالمادة المحتاجة في وجودها إلى الصورة والصورة المحتاجة في تشخصها إلى المادة.
قال : وهي قد تتميز في الخارج وقد تتميز في الذهن.
أقول : أجزاء الماهية لا بد وأن تكون متمايزة ثم التمايز قد يكون خارجيا كامتياز النفس والبدن اللذين هما جزءا الإنسان ، وقد يكون ذهنيا كامتياز جنس السواد عن فصله فإنه لو كان خارجيا لم يخل إما أن يكون كل واحد منهما محسوسا أو لا ، والأول باطل ، لأنه إن ماثل السواد استحال جعله مقوما لعدم الأولوية ولزوم كون الشيء مقوما لنفسه ، وإن خالفه فإذا انضاف الفصل إلى الجنس فإما أن لا تحدث هيئة أخرى فيكون المحسوس هو اللونية المطلقة فالسوادية المحسوسة هي اللونية المطلقة هذا خلف ، أو تحدث