على الإطلاق إلا في مجرد اللفظ أو يرجع إلى وجه واعتبار فقولنا عالم يرجع إلى العلم بذات على وجه واعتبار ، وعند مثبتي الأحوال قولنا عالم يرجع إلى إثبات ذات على حال كونه عالما هذا كمن يعرف بكونه موجودا ولا يعرف بكونه واحدا وغنيا وقديما أليس النفي والإثبات في ذلك لا يرجع إلى الصفات الزائدة على الذات وإنما يرجع إلى الاعتبارات والوجوه كذلك نقول في الصفات فبطل استدلالكم بالنفي والإثبات.
قالت الصفاتية : العلم من حيث هو علم حقيقة واحدة وليس خاصية واحدة وإنما تختلف العلوم باعتبار متعلقاتها وتتماثل باتحاد المتعلق وليس يخرج ذلك الاعتبار نفس العلم عن حقيقة العلمية حتى لو قدرنا تقديرا لمحال جواز بقاء العلم الحادث لتعلق العلم الحادث بمعلومين ومعلومات.
والسر فيه أن العلم على كل حال يتبع المعلوم عدما ووجودا فلا يكسب المعلوم صفة ولا يكتسب عنه صفة فالعلوم تختلف في الشاهد لاستحالة البقاء وتقدير اختلاف المتعلقات والعلم القديم في حكم علوم مختلفة لا في حكم خواص متباينة وكذلك نقول في الكلام فإن الأمر والنهي والخبر والاستخبار شملتها حقيقة الكلام فاجتمعت في حقيقة واحدة واختلفت اعتبارات تلك الحقيقة بالنسبة إلى المتعلقات وهذا غير مستبعد وإنما المستحيل كل الاستحالة إثبات ذات واحدة لها خاصية العلم وخاصية القدرة والإرادة إلى غير ذلك من سائر الصفات حتى يلزم أن يقال يعلم من حيث يقدر ويقدر من حيث يعلم ويقدر بعالمية ويعلم بقادرية وتجتمع صفتان وخاصيتان لذات واحدة وذلك غير معقول وأما صفات الذات التي ليست وراء الذات فإنها راجعة إلى النفي لا إلى الإثبات فمعنى كونه قديما أنه لا أول له ولا آخر ومعنى كونه واحدا أنه لا شريك له ولا قسيم ومعنى كونه غنيا أنه لا حاجة له ولا فقرا ومعنى كونه واجبا بذاته أن وجوده غير مستفاد من غيره ومعنى كونه قائما بنفسه أنه غير محتاج إلى مكان وزمان بل هو مستغن على الإطلاق عن الموجد والمكان والمحل بخلاف قولنا : إنه عالم قادر فإن العالم ذو العلم حقيقة والقادر ذو القدرة حقيقة والإحكام والإتقان دليل العلم وأثره والوجود والحصول دليل القدرة وأثرها فهما معنيان معقولان بحقيقتهما فلا يتّحدان في ذات كما لا يتحدان بذاتهما حتى يكون حقيقة أحدهما حقيقة الثاني وكذلك قلتم معاشر المعتزلة : إن العالمية ليس بعينها معنى القادرية لجواز العلم بأحدهما مع الجهل الثاني.
وقال أبو هاشم العالمية حال والقادرية حال ومفيدهما حال يوجب الأحوال كلها فلا فرق في الحقيقة بين أصحاب الأحوال وبين أصحاب الصفات إلا أن الحال