وخبر واستخبار في الأزل وإما أن لا تحكموا به ، فإن حكمتم به فقد أحلتم من وجوه أحدها أن من حكم الأمر أن يصادف مأمورا ولم يكن في الأزل مخاطب متعرض لأن يحث على أمر ويزجر عن آخر ويستحيل كون المعدوم مأمورا.
والوجه الثاني : أن الكلام مع نفسه من غير مخاطب سفه في الشاهد والنداء لشخص لا وجود له من أمحل ما ينسب إلى الحكيم.
والثالث : أن الخطاب مع موسى عليهالسلام غير الخطاب مع النبي عليهالسلام ومناهج الكلامين مع الرسولين مختلفة ويستحيل أن يكون معنى واحد هو في نفسه كلام مع شخص على معان ومناهج وكلام مع شخص آخر على معان ومناهج آخر ثم يكون الكلامان شيئا واحدا ومعنى واحدا.
والرابع : أن الخبرين عن أحوال الأمتين مختلف لاختلاف حال الأمتين وكيف يتصور أن تكون حالتان مختلفتان ، فيخبر عنهما بخبر واحد وكيف يكون الخبر أمرا ونهيا وكيف يكون أمر ونهي خبرا واستخبارا ووعدا ووعيدا وأنكم إن حكمتم بأن الكلام واحد فقد رفعتم أقسام الكلام ولا يعقل كلام إلا وأن يكون إما أمرا ونهيا وإما خبرا واستخبارا وردكم أقسام الكلام إلى أوصاف واعتبارات تارة وإلى تعبيرات وعبارات أخرى غير سديد أما الاعتبارات العقلية فباطلة لأن المعقول من أقسام الكلام ذوات مختلفة وحقائق متباينة فإن القصة التي جرت ليوسف وإخوته صلوات الله عليهم أجمعين غير القصة التي جرت لآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى فالخبر عما جرى في حق شخص كيف يكون عين الخبر الذي جرى في حق شخص آخر والأوامر والنواهي التي توجهت على قوم في دور نبي مخصوص غير الأوامر التي توجهت على قوم آخر في دور آخر فكيف يمكنكم القول باتحاد الأخبار كلها على اختلافها في خبر واحد والقول باتحاد الأوامر على تفاوتها في أمر واحد ثم كيف يمكنكم الجمع بين معنى الخبر وحقيقته أنه خبر عما كان أو سيكون من غير اقتضاء وطلب وبين معنى الأمر وحقيقته أنه اقتضاء وطلب لأمر لم يكن حتى يكون فليس في الخبر حكم واقتضاء وليس في الأمر خبر وإنباء وبين النوعين فرق ظاهر فكيف يمكن القول باتحادهما نعم هما يتحدان في حقيقة الكلامية لكنهما يختلفان بالنوعية كالحيوانية والإنسانية والعرضية واللونية فمن رد الكلام بأنواعه وأقسامه إلى الخبر فقد أبطل الاقتضاء وعطل الحكم والطلب ومن رد الكلام إلى الأمر فقد أبطل معنى الخبر وعطل القصص ومن المعلوم أن النوعين موجودان في جنس الكلام ومذكوران في الكتب الإلهية وأما من رد الاختلاف والكثرة فيهما إلى العبارات فقد أبعد النجعة فإن