وإما ثبوتية :
مسألة : اللّه ـ سبحانه ـ قادر ، خلافا لجمهور الفلاسفة ، لنا : العالم إما واجب الصدور عنه بلا شرط ، فقديم أو بشرط ويتسلسل معا أولا إلى أول ؛ وإما جائز وهو المطلوب ، قيل : واجب والأزل ينافي الحدوث كالقدرة الأزلية ـ عندكم ـ لا تقارن صحة الوجود.
قلنا : لا يمنع التأثير ، ولو سلم فمعدوم قبل وقت الحدوث بلحظة ، لأنه لا يصير أزليا ، قيل : مشروط ، قلنا : بطل التسلسل ، قيل : الواسطة ، قلنا : باطل بالإجماع ، قيل: معارض بوجهين :
إن حقيقته على قولكم محال لوجوده.
إن المصدر إن كملت شروطه ، امتنع الترك وإلا فإن لم ينضف إليه قصد فترجيح بلا مرجح وإلا فليس بتام ؛ وإن لم يستجمع وجب.
ويؤكده أن المعتزلة قالوا : صدور الثواب والعقاب واجب ، لاستلزام تركهما الجهل أو الحاجة الممتنعين ؛ وأصحابنا قالوا : يتعلق القدرة والإرادة بالمعينات ولا تغير فهي واجبة ؛ والكل قالوا : ما علم وجوده وجب ، وإلا امتنع فلا مكنه.
إن حصولها إما مع أحدهما وهو واجب ؛ أو قبله فيستلزم حصول وقته لأنه شرطه وهو محال ، قلنا : لا يستلزم.
إن الترك عدمي لأنه لا فرق بينه وبين لم يفعل فليس بمقدور.
ولا يقال : فعل الضد ، لأنا نقول : فلم يخل عن ضد العالم.
إن ثبوته متعذر لوجوه :
أن القادرية إما أزلية فيستدعي صحة الأثر ، أو حادثة فلها مؤثر وليس مختارا وإلا عاد البحث ؛ ولا يقال : هي المكنة من الإيجاد فيما لا يزال لحضور المانع ، لأنا نقول : إن أمكن ارتفاعه فليفرض ، وإن امتنع فدائما ، وإلا صار الممتنع واجبا.
قلنا : أزلية ولا مكنة من الممتنع.