وأما جواز تعريها عن الصور أو وجوب ذلك فهو المختلف فيه وما أوردتموه من المقدمات تحكمات فلم قلتم إنه إذا أمكن تعريها عن اتصال وانفصال معين أمكن تعريها عن كل اتصال وانفصال لأن الذي يتبدل ويتغير من الاتصال والانفصال عرض من باب الكم والاتصال الذي هو الأبعاد الثلاثة جوهر هو صورة جسمية فما هو عرض يجوز عليه التبدل وما هو جوهر لم يتبدل قط وليس العرض من قبيل الجوهر حتى يحكم عليه بحكم الثاني وكذلك كون الجسم في حيز مخصوص من قبيل الأعراض من باب الأين وكونه متحيزا صورة جسمية هو من قبيل الجواهر فلم يجز أن يقال إذا جاز عليه تبدل المكان المخصوص جاز عليه ألا يكون له حيز ومكان هذا جواب الحكيم للحكيم.
أما جواب المتكلم فيقول لم إذا جاز خلو الجوهر عن عرض جاز خلوه عن كل عرض؟.
قال لأن الجوهر هو القائم بذاته المستغني عن المحل فلو لم يجز خلوه عن الأعراض لبطل قيامه بذاته ولكان في وجوده محتاجا إلى العرض كما كان العرض في وجوده محتاجا إلى الجوهر وحينئذ يلتبس حد الجوهر بحد العرض ويختلط أحدهما بالآخر وذلك خروج عن المعقول.
فيقول المتكلم : الجوهر في قيامه بذاته يستغني عن محل يحل فيه بحيث يوصف المحل به ، والعرض في احتياجه من حيث ذاته يحتاج إلى محل يحل فيه بحيث يوصف المحل به ؛ لكن لا يجوز أن يخلو الجوهر عن كل الأعراض لا لأنه يحتاج إليها في قيامه بذاته جوهرا لكن في وجوده لا يتصور أن يكون خاليا عن كون في مكان مخصوص.
وقال أصحاب الصور : لو قدرنا الهيولى جوهرا قائما بذاته عريا عن الصور كلها حتى لا يكون له وضع وحيز وبعد واتصال ومقدار يقبل الانقسام ثم قدرناه حصل فيه المقدار مثلا فإما أن يصادفه المقدار دفعة أو على تدريج فإن صادفه دفعة حتى حصل ذا مقدار فيكون قد صادفه بحيث حتى انضاف إليه فيكون له حيث وحيز فيجب أن يكون ذا حيز أو لا حتى يصادفه حيث هو فيكون ذا صورة وإن صادفه على تدريج أو انبساط فكل ما من شأنه أن ينبسط فله جهات وكل ما له جهة فهو ذو وضع وعلى الوجهين جميعا لا يصادفه الاتصال والمقدار إلا أن يكون له حيث وحيز ووضع وقد فرض غير متحيز وذا وضع فهو خلف.
قال أصحاب الهيولى : كل حادث في زمان فيجب أن يسبقه إمكان الوجود وذلك الإمكان أن يكون في نفس المقدر وإما أن يكون في شيء وبطل أن يكون في