رواةً للحديث ، مخبتين إليه معتنقين له ديناً ونِحْلة.
وأمّا كتب الإماميّة في الحديث والتفسير والتاريخ وعلم الكلام ، فضع يدك علىٰ أيٍّ منها تجده مفعماً بإثبات قصّة الغدير والاحتجاج بمؤدّاها ، فمن مسانيد عنعنتها الرواة إلىٰ مُنبثق أنوار النبوّة ، ومراسيل أرسلها المؤلِّفون إرسال المسلّم ، حذفوا أسانيدها ؛ لتسالم فِرَق المسلمين عليها.
ولا أحسب أنَّ أهل السنّة يتأخّرون بكثير عن الإماميّة في إثبات هذا الحديث ، والبخوع لصحّته ، والركون إليه ، والتصحيح له ، والإذعان بتواتره ، أللّهمّ إلّا شذّاذاً تنكّبت عن الطريقة ، وَحَدتْ بهم العصبيّة العمياء إلىٰ رمي القول علىٰ عواهنه ، وهؤلاء لا يمثِّلون من جامعة العلماء إلّا أنفسهم ، فإنَّ المثبتين المحقّقين للشأن المتولِّعين في الفنّ لا تخالجهم أيّة شبهة في اعتبار أسانيدهم التي أنهوها ـ متعاضدةً متظافرةً بل متواترة (١) ـ إلىٰ جماهير من الصحابة والتابعين. وإليك أسماء جملة وقفنا على الطرق المنتهية إليهم علىٰ حروف الهجاء :
___________________________________
(١) رواه أحمد بن حنبل من أربعين طريقاً ، وابن جرير الطبري من نيّف وسبعين طريقاً ، والجزري المقري من ثمانين طريقاً ، وابن عقدة من مائة وخمس طرق ، وأبو سعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقاً ، وأبو بكر الجُعابي من مائة وخمس وعشرين طريقاً ، وفي تعليق هداية العقول ( ص ٣٠ ) عن الأمير محمد اليمني ـ أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر ـ : أنَّ له مائةً وخمسين طريقاً. ( المؤلف )