كما أنَّها لم تختصّ روايتها من العلماء وحفّاظ الحديث بابن مردويه ، وقد سمعت عن السيوطي نفسه في دُرّه المنثور رواية الخطيب وابن عساكر ، وعرفت أنَّ هناك جمعاً آخرين أخرجوها بأسانيدهم ، وفيهم مثل الحاكم النيسابوري ، والحافظ البيهقي ، والحافظ ابن أبي شيبة ، والحافظ الدارقطني ، والحافظ الديلمي ، والحافظ [ أبي عليّ ] الحدّاد ، وغيرهم. كلُّ ذلك من دون غمز فيها عن أيٍّ منهم.
وإن كان يريد عدم الصحّة من ناحية معارضتها لما رُوي من نزول الآية يوم عرفة فهو مجازِفٌ في الحكم الباتّ بالبطلان علىٰ أحد الجانبين ، وهب أنَّه ترجّح في نظره الجانب الآخر ، لكنّه لا يستدعي الحكم القطعي ببطلان هذا الجانب ، كما هو الشأن عند تعارض الحديثين ، لا سيّما مع إمكان الجمع بنزول الآية مرّتين ، كما احتمله سبط ابن الجوزي في تذكرته (١) ( ص ١٨ ) ، كغير واحدةٍ من الآيات الكريمة النازلة غير مرّةٍ واحدةٍ ، ومنها البسملة النازلة في مكّة مرّة ، وفي المدينة أخرىٰ ، وغيرها ممّا يأتي.
علىٰ أنَّ حديث نزولها يوم الغدير معتضد بما قدّمناه عن الرازي وأبي السعود وغيرهما من أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعمّر بعد نزولها إلّا أحداً أو اثنين وثمانين يوماً. فراجع ( ص ٢٣٠ ) ، والسيوطي في تحكّمه هذا قلّد ابن كثير ، فإنّه قال في تفسيره ( ٢ / ١٤ ) بعد ذكر الحديث بطريقيه : لا يصح هذا ولا هذا. فالبادي أظلم.
١٦ ـ ميرزا محمد البَدَخْشيّ ، ذكر في مفتاح النجا (٢) ما أخرجه ابن مردويه كما مرّ في ( ص ٢٣١ ).
وبعد هذا كلّه ، فإن تعجب فعجبٌ قول الآلوسي في روح المعاني (٣) ( ٢ / ٢٤٩ ) :
___________________________________
(١) تذكرة الخواص : ص ٣٠.
(٢) مفتاح النجا : الورقة ٣٤ باب ٣ فصل ١١.
(٣) روح المعاني : ٦ / ٦١.