وجدّي منه ، وأنشد له :
وبَطْحا المدينةِ لي منزلٌ |
|
فيا حبَّذا ذاك من منزلِ |
فقال : فهذان بطحاوان فما معنى الجمع ؟
قلنا : العرب تتوسّع في كلامها وشعرها فتجعل الاثنين جمعاً ، وقد قال بعض الناس : إنَّ أقلّ الجمع اثنان ، وممّا يؤكّد أنَّهما بطحاوان قول الفرزدق :
وأنت ابنُ بَطْحاوَيْ قريشٍ فإن تشأْ |
|
تكن في ثقيفٍ سيلَ ذي أدبٍ عَفْرِ |
ثمّ قال :
قلت أنا : وهذا كلّه تعسّفٌ. وإذا صحَّ بإجماع أهل اللغة أنَّ البطحاء : الأرض ذات الحصىٰ فكلُّ قطعة من تلك الأرض بطحاء ، وقد سُمِّيت قريش البطحاء ، وقريش الظواهر ، في صدر الجاهليّة ولم يكن بالمدينة منهم أحد.
وأمّا قول الفرزدق وابن نباتة ، فقد قالت العرب : الرقمتان ورامتان ، وأمثال ذلك كثيرٌ تمرُّ في هذا الكتاب ، قصدهم بها إقامة الوزن فلا اعتبار به.
البُطاح ـ بالضمّ ـ : منزل لبني يربوع ، وقد ذكره لبيد ، فقال :
تربّعتِ الأشرافُ ثمّ تصيّفتْ |
|
حِساءَ البطاحِ وانْتجعْنَ السلائلا |
وقيل : البُطاح ماءٌ في ديار بني أسد ، وهناك كانت الحرب بين المسلمين ـ وأميرُهم خالد بن الوليد ـ وأهل الردّة ، وكان ضرار بن الأزور الأسدي قد خرج طليعة لخالد بن الوليد ، وخرج مالك بن نويرة طليعة لأصحابه ، فالتقيا بالبُطاح فقتل ضرار مالكاً ، فقال أخوه متمِّم يرثيه :
سأبكي أخي ما دام صوتُ حمامةٍ |
|
توَرّقُ في وادي البُطاح حماما |
وقال وكيع بن مالك يذكر يوم البُطاح :