وغيره ، ومنهم مَن قُتِل بفخّ من أعمال مكّة ، غير أنَّه واقعٌ بينها وبين المدينة يبعد عنها نحو ستّة أميال ، لا في جهة الأبطح الذي هو وادي المحصّب بمقربة من منىٰ في شرقي مكّة. ولبعضهم يرثي الإمام السبط الشهيد عليهالسلام قوله من قصيدة :
تئنُ نفسي للربوعِ وقد غدا |
|
بيتُ النبيِّ مقطَّعَ الأطنابِ |
بيتٌ لآل المصطفىٰ في كربلا |
|
ضربوه بين أباطحٍ وروابي |
الوجه الثاني : أنَّ سورة المعارج مكيّة باتّفاق أهل العلم ، فيكون نزولها قبل واقعة الغدير بعشر سنين ، أو أكثر من ذلك.
الجواب :
إنَّ المتيقّن من معقد الإجماع المذكور هو نزول مجموع السورة مكيّاً ، لا جميع آياتها ، فيمكن أن يكون خصوص هذه الآية مدنيّاً كما في كثير من السور.
ولا يرد عليه : أنَّ المتيقّن من كون السورة مكيّة أو مدنيّة هو كون مفاتيحها كذلك ، أو الآية التي انتزع منها اسم السورة ؛ لِما قدّمناه من أنَّ هذا الترتيب هو ما اقتضاه التوقيف ، لا ترتيب النزول ، فمن الممكن نزول هذه الآية أخيراً وتقدّمها على النازلات قبلها بالتوقيف ، وإن كنّا جهلنا الحكمة في ذلك كما جهلناها في أكثر موارد الترتيب في الذكر الحكيم ، وكم لها من نظير ، ومن ذلك :
١ ـ سورة العنكبوت : فإنّها مكيّة ، إلّا من أوّلها عشر آيات ، كما رواه الطبري في تفسيره (١) في الجزء العشرين ( ص ٨٦ ) ، والقرطبي في تفسيره (٢) ( ١٣ / ٣٢٣ ) ، والشربيني في السراج المنير (٣) ( ٣ / ١١٦ ).
___________________________________
(١) جامع البيان : مج ١١ / ج ٢٠ / ١٣٣.
(٢) الجامع لأحكام القرآن : ١٣ / ٢١٤.
(٣) السراج المنير : ٣ / ١٢٣.