فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ ) (١) نزلت عقيب بدر بالاتفاق قبل يوم الغدير بسنين.
الجواب :
كأنّ هذا الرجل يحسب أنَّ من يروي تلك الأحاديث المتعاضدة يرىٰ نزول ما لهج به الحارث بن النعمان الكافر ـ من الآية الكريمة السابق نزولها ، وأفرغها في قالب الدعاء ـ في اليوم المذكور ، والقارئ لهاتيك الأخبار جِدّ عليم بمَيْنه في هذا الحسبان ، أو أنَّه يرىٰ حَجراً على الآيات السابق نزولها أن ينطق بها أحد ، فهل في هذه الرواية غير أنَّ الرجل المرتدّ ـ الحارث أو جابر ـ تفوّه بهذه الكلمات ؟ وأين هو من وقت نزولها ؟ فدعْها يكن نزولها في بدر أو أُحد ، فالرجل أبدىٰ كفره بها ، كما أبدى الكفّار قبله إلحادهم بها. لكن ابن تيميّة يريد تكثير الوجوه في إبطال الحقِّ الثابت.
الوجه الرابع : أنَّها نزلت بسبب ما قاله المشركون بمكّة ، ولم ينزل عليهم العذاب هناك لوجود النبيّ صلىاللهعليهوسلم بينهم ؛ لقوله تعالىٰ : ( وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (٢).
الجواب :
لا ملازمة بين عدم نزول العذاب في مكّة على المشركين ، وبين عدم نزوله هاهنا على الرجل ؛ فإنّ أفعال المولىٰ سبحانه تختلف باختلاف وجوه الحكمة ، فكان في سابق علمه إسلام جماعة من أولئك بعد حين ، أو وجود مسلمين في أصلابهم ، فلو أبادهم بالعذاب النازل لأُهملت الغاية المتوخّاة من بعث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولمّا لم يرَ سبحانه ذلك الوجه في هذا المنتكس علىٰ عقبه عن دين الهدىٰ بقيله ذلك ، ولم يكن لِيَلِدَ مؤمناً ، كما عرف ذلك نوح عليهالسلام من قومه ، فقال : ( وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا
___________________________________
(١) الأنفال : ٣٢.
(٢) الأنفال : ٣٣. ويمكن القول إنَّ الآية في عصاة المسلمين ، وأما من ارتدّ عن الإسلام وكذّب النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وطلب العذاب من الله تحدّياً واستخفافاً فعلى الله أن يعجّل عليه نقمته. ( الطباطبائي )