عليّاً علىٰ عثمان فقد أزرىٰ على اثني عشر ألفاً مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنهم راض.
فقال النووي : وذلك بعد النبيّ باثني عشر عاماً بعد أن مات في خلافة أبي بكر في الردّة والفتوح الكثير ممّن لم يضبط أسماؤهم ، ثمّ مات في خلافة عمر في الفتوح وفي الطاعون العامّ وعمواس (١) وغير ذلك من لا يُحصىٰ كثرةً ، وسبب خفاء أسمائهم أنَّ أكثرهم أعراب وأكثرهم حضروا حجّة الوداع. والله أعلم. انتهىٰ.
وقد أسلفنا في ( ص ٩ ) :
أنَّ الحضور في حجّة الوداع مع رسول الله كانوا مائة ألف أو يزيدون ، إذاً فأين لهذه الكتب استيفاء ذلك العدد الجمِّ ؟ وليس في مجاري الطبيعة الخبرة بجميع هاتيك التراجم بحذافيرها ، فإنّ أكثر القوم كانوا مبثوثين في البراري والفلوات تُقِلّهم مهابط الأودية وقُلل الجبال ، ويقطنون المفاوز والحُزوم (٢) ، ولا يختلفون إلى الأوساط والحواضر إلّا لغايات وقتيّة تقع عندها الصحبة والرواية في أيّام وليالٍ تُبطئ بهم الحاجات فيها ، وليس هناك ديوانٌ تُسَجَّل فيه الأسماء ، ويتعرّف أحوال الوارد والصادر.
إذاً فلا يسع أيّ باحث الإحاطةُ بأحوال أُمّة هذه شئونها ، وإنَّما قيّد المصنِّفون أسماء كَثُر تداولها في الرواية ، أو لأربابها أهميّة في الحوادث ، وبعد هذا كلّه فالنافي لشخص لم يجد اسمه في كتب هذا شأنها خارجٌ عن ميزان النصفة ، ومتحايدٌ عن نواميس البحث. علىٰ أنَّ من المحتمل قريباً أنَّ مؤلفي معاجم الصحابة أهملوا ذكره لردّته الأخيرة.
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ) (٣)
___________________________________
(١) كورة علىٰ ستّة أميال من الرملة علىٰ طريق بيت المقدس ، منها كان ابتداء الطاعون في سنة (١٨ هـ ) ، ثمّ فشا في أرض الشام ، فمات فيه خلق كثير لا يحصىٰ من الصحابة [ معجم البلدان : ٤ / ١٥٧ ].
( المؤلف )
(٢) الحزوم : جمع حزم ، وهو الغليظ المرتفع من الأرض.
(٣) لقمان : ٢٠.