قلت : وهذه الليلة هي ليلة عيد الغدير ؛ أعني ليلة الثامن عشر من ذي الحجّة ، وهو غدير خُمّ ـ بضمّ الخاء وتشديد الميم ـ ورأيت جماعة كثيرة يسألون عن هذه الليلة متىٰ كانت من ذي الحجّة ، وهذا المكان بين مكّة والمدينة ، وفيه غدير ماء ويقال : إنَّه غيضة هناك ، ولمّا رجع النبيّ صلىاللهعليهوسلم من مكّة شرّفها الله تعالىٰ عام حجّة الوداع ، ووصل إلىٰ هذا المكان وآخىٰ عليّ بن أبي طالب رضياللهعنه قال : « عليٌّ مني كهارون من موسىٰ ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصُرْ من نصره ، واخذُلْ من خذله ».وللشيعة به تعلّقٌ كبير. وقال الحازمي : وهو وادٍ بين مكّة والمدينة عند الجُحْفة غدير عنده خطب النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهذا الوادي موصوفٌ بكثرة الوخامة وشدّة الحرّ. انتهىٰ.
وهذا الذي يذكره ابن خلّكان من كبر تعلّق الشيعة بهذا اليوم هو الذي يعنيه المسعودي في التنبيه والإشراف (١) ( ص ٢٢١ ) بعد ذكر حديث الغدير بقوله : وولد عليٍّ رضياللهعنه وشيعته يعظِّمون هذا اليوم. ونحوه الثعالبي في ثمار القلوب (٢) بعد أن عدَّ ليلة الغدير من الليالي المضافات المشهورة عند الأمّة بقوله ( ص ٥١١ ) :
وهي الليلة التي خطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غدها بغدير خُمّ علىٰ أقتاب الإبل ، فقال في خطبته : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ». فالشيعة يعظِّمون هذه الليلة ، ويُحيونها قياماً. انتهىٰ.
وذلك لاعتقادهم وقوع النصِّ على الخلافة بلا فصل فيه ، وهم وإن انفردوا عن غيرهم بهذه العقيدة لكنّهم لم يبرحوا مشاطرين الأمّة التي لم تزل ليلة الغدير عندهم من الليالي المضافة المشهورة ، وليست شهرة هذه الإضافة إلّا لاعتقاد خطر عظيم
___________________________________
(١) التنبيه والإشراف : ص ٢٢١ ـ ٢٢٢ ذكر السنة السادسة للهجرة.
(٢) ثمار القلوب : ص ٦٣٦ رقم ١٠٦٨.