وفضيلة بارزة في صبيحتها ، ذلك الذي جعله يوماً مشهوداً وعيداً مباركاً.
ومن جرّاء هذا الاعتقاد في فضيلة يوم الغدير وليلته وقع التشبيه بهما في الحسن والبهجة ، قال تميم بن المعزّ صاحب الديار المصريّة المتوفّىٰ ( ٣٧٤ ) من قصيدة له ذكرها الباخرزي في دمية القصر (١) ( ص ٣٨ ) :
تروح علينا بأحداقِها |
|
حِسانٌ حَكَتْهنَّ من نشرِهنّهْ |
نواعمُ لا يستطعْنَ النهوضَ |
|
إذا قمنَ من ثِقْلِ أردافِهنّهْ |
حَسُنَّ كحُسنِ ليالي الغديرِ |
|
وجئنَ ببهجةِ أيّامِهنّهْ |
وممّا يدلُّ علىٰ ذلك : التهنئة لأمير المؤمنين عليهالسلام من الشيخين وأمّهات المؤمنين وغيرهم من الصحابة بأمر من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما ستقف علىٰ ذلك مفصَّلاً إن شاء الله ، والتهنئة من خواصِّ الأعياد والأفراح.
الأمر الثاني : إنَّ عهد هذا العيد يمتدُّ إلىٰ أمد قديم متواصلٍ بالدور النبويّ ، فكانت البدأة به يوم الغدير من حجّة الوداع بعد أن أصحر نبيُّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بمرتكز خلافته الكبرىٰ ، وأبان للملإ الدينيِّ مستقرَّ إمرته من الوجهة الدينيّة والدنيويّة ، وحدّد لهم مستوىٰ أمر دينه الشامخ ، فكان يوماً مشهوداً يسرُّ موقعه كلّ معتنق للإسلام ، حيث وَضح له فيه مُنتَجع الشريعة ، ومُنبَثق أنوار أحكامها ، فلا تلويه من بعده الأهواء يميناً وشمالاً ، ولا يسفُّ به الجهل إلىٰ هوّة السفاسف ، وأيّ يوم يكون أعظم منه ؟ وقد لاح فيه لاحب السنن ، وبان جَدَد الطريق ، وأُكمل فيه الدين ، وتمّت فيه النعمة ، ونَوّه بذلك القرآن الكريم.
وإن كان حقّاً اتّخاذ يوم تسنّم فيه الملوك عرش السلطنة عيداً يحتفل به بالمسرّة والتنوير ، وعقد المجتمعات وإلقاء الخطب وسرد القريض وبسط الموائد ، كما جرت به
___________________________________
(١) دُمية القصر وعصرة أهل العصر : ١ / ١١١ ـ ١١٣.