وفيه آية المباهلة النازلة فيهم ، وعليٌّ فيها نفس النبيّ ، وغيرهما ممّا يناهز ثلاثمائة آية (١) النازلة في الإمام أمير المؤمنين.
وهذه نصوص الحفّاظ الأثبات ، والأعلام الأئمّة ، وبين يديهم الصحاح والمسانيد ، وفيها حديث التطهير ، وحديث المنزلة ، وحديث البراءة ذلك الهتاف النبويّ المبين المتواتر ، كلّ ذلك كانت تلوكه أشداق الصحابة وأُنهي إلى التابعين.
أفترىٰ من الممكن أن يهتف المولىٰ سبحانه في المجتمع بطهارة ذاتٍ وقدسه من الدنس ، وعصمته من كلّ رجس ، أو ينزِّله منزلة نفس النبيّ الأعظم ، ويُسمع به عباده ، أو يوجب بنصّ كتابه المقدّس علىٰ أُمّة نبيّه الأقدس مودّة ذي قرباه ـ وأمير المؤمنين سيّدهم ـ ويجعل ولاءهم أجر ذلك العبء الفادح ، الرسالةِ الخاتمة العظمىٰ ، ويُخبر بلسان نبيّه أمّته بأنّ طاعة عليٍّ طاعته ومعصيته معصيته (٢) ، ويكون مع ذلك كلِّه هناك مجال للاجتهاد بأن يُقاتَل ، أو يُقتَل ، أو يُنفىٰ من الأرض ، أو يُسبّ علىٰ رؤس الأشهاد ، أو يُلعَن على المنابر ، أو تُعلَن عليه الدعايات ؟ وهل يحكم شعورك الحرُّ بأنّ الاجتهاد في كلِّ ذلك كاجتهاد المُفتين واختلافهم في قتل الساحر وأمثاله ؟
وابن حزم نفسه يقول في الفِصَل ( ٣ / ٢٥٨ ) : ومن تأوّل من أهل الإسلام فأخطأ ، فإن كان لم تقم عليه الحجّة ، ولا تبيّن له الحقّ ، فهو معذورٌ مأجورٌ أجراً واحداً لطلبه الحقّ وقصده إليه ، مغفورٌ له خطؤه إذ لم يتعمّد ؛ لقول الله تعالىٰ : ( وَلَيْسَ
___________________________________
(١) راجع تاريخَي الخطيب : ٦ / ٢٢١ [ رقم ٣٢٧٥ ] ، وابن عساكر [ ١٢ / ٣٠٩ ، وفي ترجمة الإمام عليّ ابن أبي طالب من تاريخ دمشق ـ الطبعة المحقّقة ـ : ١ / ٢٧٣ ح ٣٢٢ ] ، وكفاية الكنجي : ص ١٠٨ [ ص ٢٣١ ] والصواعق : ص ٧٦ [ ص ١٢٧ ] وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ص ١١٥ [ ص ١٦١ ] والفتوحات الإسلامية : ٢ / ٣٤٢ ، ونور الأبصار : ص ٨١ [ ص ١٦٤ ] ، وهناك مصادر كثيرة أخرىٰ.
( المؤلف )
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك : ٣ / ١٢١ ، ١٢٨ [ ٣ / ١٣١ ح ٤٦١٧ ، ص ١٣٩ ح ٤٦٤١ ] ، والذهبي في تلخيصه وصحّحاه. ( المؤلف )