وسبق عن الأنباري في مشكل القرآن : أنَّ للمولىٰ ثمانية معانٍ ، أحدها : الأَولىٰ بالشيء ، وحكاه الرازي عنه وعن أبي عبيدة ، فقال في نهاية العقول :
لا نُسلّم أنَّ كلّ من قال :إنَّ لفظة ( المولىٰ ) محتملةٌ للأَولىٰ قال بدلالة الحديث على إمامة عليٍّ رضياللهعنه. أليس أنَّ أبا عبيدة وابن الأنباري حكما بأنّ لفظة ( المولىٰ ) للأَولىٰ مع كونهما قائلين (١) بإمامة أبي بكر رضياللهعنه ؟
ونقل الشريف المرتضىٰ (٢) عن أبي العبّاس المبرّد : أنَّ أصل تأويل الوليّ ؛ أي الذي هو أَولىٰ وأحقّ ، ومثله المولىٰ.
وقال أبو نصر الفارابي الجوهري المتوفّىٰ ( ٣٩٣ ) في صحاح اللغة (٣) ( ٢ / ٥٦٤ ) مادّة (ولي ) في قول لبيد : إنَّه يريد أَولىٰ موضع أن يكون فيه الخوف.
وأبو زكريا الخطيب التبريزي في شرح ديوان الحماسة (٤) ( ١ / ٢٢ ) في قول جعفر بن عُلْبة الحارثي :
ألهفا بقرّىٰ سحبل (٥) حين أحلبت |
|
علينا الولايا والعدوّ المباسلش |
عدّ من وجوه معاني المولى الثمانية (٦) الوليّ والأَولىٰ بالشيء ، وعن عمر بن عبد الرحمن الفارسي القزويني في كشف الكشّاف في بيت لبيد : أنَّ مولى المخافة ؛ أي أولىٰ وأحرىٰ بأن يكون فيه الخوف. وعدّ سبط ابن الجوزي في التذكرة (٧) ( ص ١٩ ) ذلك من معاني المولى العشرة المستندة إلىٰ علماء العربيّة ، ومثله ابن طلحة الشافعي في
___________________________________
(١) لا يهمّنا ما يرتئيه في الإمامة ، وإنَّما الغرض تنصيصهما بمعنى اللفظ اللغوي. ( المؤلف )
(٢) الشافي في الإمامة : ٢ / ٢١٩.
(٣) الصحاح : ٦ / ٢٥٢٩.
(٤) شرح ديوان الحماسة : ١ / ٩.
(٥) سحبل : موضع في ديار بني الحارث بن كعب. معجم البلدان : ٣ / ١٩٤.
(٦) وهي : العبد ، والسيّد ، وابن العمّ ، والصهر ، والجار ، والحليف ، والوليّ ، والأَولىٰ بالشيء. ( المؤلف )
(٧) تذكرة الخواص : ص ٣١ ـ ٣٢.