وكخاصّة كلٍّ من المشتقّات من عوارض الهيئات لا من جوهريّات الموادّ ، وذلك أمر غالبيّ يُسار معه على القياس ما لم يرد خلافه عن العرب ، وأمّا عند ذلك فإنّهم المحكّمون في معاني ألفاظهم ، ولو صفا للرازي اختصاص ( المولىٰ ) بالحدثان أو الواقع منه في الزمان أو المكان لوجب عليه أن ينكر مجيئه بمعنى الفاعل والمفعول وفعيل ، وها هو يصرّح بإتيانه بمعنى الناصر والمعتِق ـ بالكسر ـ والمعتَق ـ بالفتح ـ والحليف. وقد صافقه على ذلك جميع أهل العربيّة وَهَتَفَ الكلُّ بمجيء ( المولىٰ ) بمعنى الوليّ ، وذكر غير واحد من معانيه : الشريك ، والقريب ، والمحبّ ، والعتيق ، والعقيد ، والمالك ، والمليك. علىٰ أنَّ من يذكر الأَولىٰ في معاني المولىٰ ، وهم الجماهير ممن يُحتجُّ بأقوالهم ، لا يعنون أنَّه صفة له حتىٰ يناقش بأنّ معنى التفضيل خارج عن مفاد ( المولىٰ ) مزيدٌ عليه فلا يتّفقان ، وإنَّما يريدون أنَّه اسم لذلك المعنىٰ ، إذن فلا شيء يفتُّ في عضدهم.
وهبْ أنَّ الرازي ومن لفّ لفّه لم يقفوا علىٰ نظير هذا الاستعمال في غير المولىٰ ، فإنّ ذلك لا يوجب إنكاره فيه بعد ما عرفته من النصوص ، فكم في لغة العرب من استعمال مخصوص بمادّة واحدة ، فمنها : كلمة ( عجاف ) جمع ( اعجف ) ، فلم يجمع أفعل علىٰ فِعال إلّا في هذه المادّة كما نصّ عليه الجوهري في الصحاح (١) ، والرازي نفسه في التفسير (٢) ، والسيوطي في المزهر (٣) ( ٢ / ٦٣ ) ، وقد جاء بالقرآن الكريم : ( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ) سورة يوسف : ٤٣. ومنه شعر العرب في مدح سيِّد مضر هاشم بن عبدمناف.
عمرو العُلىٰ هشم الثريدَ لقومه |
|
ورجالُ مكّةَ مُسنتونَ عِجافُ |
ومنها : أنَّ ما كان علىٰ فعَلتُ ـ مفتوح العين ـ من ذوات التضعيف متعدِّياً مثل
___________________________________
(١) الصحاح : ٤ / ١٣٩٩.
(٢) التفسير الكبير : ١٨ / ١٤٧.
(٣) المزهر في علوم اللغة : ٢ / ١١٦.