لا ها الله لا نحتمل هذا في أحد من أهل الحلوم الخائرة ، والعقليّات الضعيفة ، فضلاً عن العقل الأوّل ، والإنسان الكامل نبيّ الحكمة ، وخطيب البلاغة ، فمن الإفك الشائن أن يُعزىٰ إلى نبيّ الإسلام إرادة شيء منها ، وعلىٰ تقدير إرادة شيء منها فأي فضيلةٍ فيها لأمير المؤمنين عليهالسلام حتىٰ يُبَخْبَخ (١) ويُهنَّأ بها ، ويفضّلها سعد بن أبي وقّاص في حديثه (٢) علىٰ حُمر النَّعَم لو كانت ، أو تكون أحبّ إليه من الدنيا وما فيها ، عمّر فيها مثل عمر نوح.
وأمّا المُنعِم : فلا ملازمة في أن يكون كلُّ من أنعم عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكون أمير المؤمنين عليهالسلام مُنعِماً عليه أيضاً بل من الضروريِّ خلافه ، إلّا أن يراد أنَّ من كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منعماً عليه بالدين والهدىٰ والتهذيب والإرشاد والعزّة في الدنيا والنجاة في الآخرة فعليّ عليهالسلام منعِمٌ عليه بذلك كلِّه ؛ لأنّه القائم مقامه ، والصادع عنه ، وحافظ شرعه ، ومبلِّغ دينه ، ولذلك أكمل الله به الدين ، وأتمّ النعمة بذلك الهتاف المبين ، فهو ـ حينئذٍ ـ لا يبارح معنى الإمامة الذي نتحرّاه ، ويساوق المعاني التي نحاول إثباتها فحسب.
وأمّا العقيد : فلا بدّ أن يراد به المعاقدة والمعاهدة مع بعض القبائل للمهادنة أو النصرة فلا معنىٰ لكون أمير المؤمنين عليهالسلام كذلك إلّا أنَّه تبعٌ له في كلِّ أفعاله وتروكه ، فيساوقه حينئذٍ المسلمون أجمع ، ولا معنىٰ لتخصيصه بالذكر مع ذلك الاهتمام الموصوف ، إلّا أن يُراد أنَّ لعليٍّ عليهالسلام دخلاً في تلك المعاهدات التي عقدها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لتنظيم السلطنة الإسلاميّة ، وكلاءة الدولة عن التلاشي بالقلاقل والحرج ، فله التدخّل فيها كنفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن أمكن إرادة معاقدة الأوصاف والفضائل ، كما يقال : عقيد الكرم ، وعقيد الفضل ؛ أي كريم وفاضل ، ولو بتمحّل لا يقبله الذوق العربيّ ،
___________________________________
(١) أي يقال له : بخٍ بخٍ .
(٢) راجع ص ٣٨ ـ ٤١.( المؤلف )