فيقصد أنَّ من كنتُ عقيد الفضائل عنده فليعتقد في عليٍّ مثله ، فهو والحالة هذه مقارب لما نرتئيه من المعنىٰ ، وأقرب المعاني أن يراد به العهود التي عاهدها صلىاللهعليهوآلهوسلم مع من بايعه من المسلمين على اعتناق دينه ، والسعي وراء صالحه ، والذبّ عنه ، فلا مانع أن يراد من اللفظ والحالة هذه ، فإنّه عبارة أخرىٰ عن أن يقول : إنَّه خليفتي والإمام من بعدي.
المُحبّ والناصر
على فرض إرادة هذين المعنيين لا يخلو إمّا أن يُراد بالكلام حث الناس علىٰ محبّته ونصرته بما أنَّه من المؤمنين به والذابّين عنه ، أو أمْرُه عليهالسلام بمحبّتهم ونصرتهم. وعلىٰ كلٍّ فالجملة إمّا إخباريّة أو إنشائيّة.
فالاحتمال الأوّل وهو الإخبار بوجوب حبِّه على المؤمنين فممّا لا طائل تحته ، وليس بأمر مجهول عندهم لم يسبقه التبليغ حتىٰ يؤمر به في تلك الساعة ويناط التواني عنه بعدم تبليغ شيء من الرسالة كما في نصِّ الذكر الحكيم ، فيحبس له الجماهير ، ويعقد له ذلك المنتدى الرهيب ، في موقف حرج لا قرار به ، ثمّ يكمل به الدين ، وتتمّ به النعمة ، ويرضى الربّ ، كأنّه قد أتىٰ بشيء جديد ، وشرّع ما لم يكن وما لايعلمه المسلمون ، ثمّ يهنِّئه من هنّأه بأصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة ، مؤذناً بحدوث أمر عظيم فيه لم يعلمه القائل قبل ذلك الحين ، كيف ؟ وهم يتلون في آناء الليل وأطراف النهار قوله سبحانه : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) (١) ، وقوله تعالىٰ : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) (٢) مشعراً بلزوم التوادد بينهم كما يكون بين الأخوين ، نُجلّ نبيّنا الأعظم عن تبليغ تافه مثله ، ونُقدِّس إلٰهنا الحكيم عن عبث يشبهه.
___________________________________
(١) التوبة : ٧١.
(٢) الحجرات : ١٠.