واستقصيت مطالعتها من المسانيد والمجاميع وكتب السّنن والغرائب قديمها وحديثها ، وكتب اللغة على اختلافها ، فرأيت فيها من الكلمات الغريبة مما فات الكتابين كثيرا ، فصدفت حينئذ عن الاقتصار على الجمع بين كتابيهما ، وأضفت ما عثرت عليه ووجدته من الغرائب إلى ما في كتابيهما في حروفها مع نظائرها وأمثالها.
وما أحسن ما قال الخطّابى وأبو موسى رحمة الله عليهما في مقدمتى كتابيهما ، وأنا أقول أيضا مقتديا بهما : كم يكون قد فاتنى من الكلمات الغريبة التى تشتمل عليها أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه وتابعيهم رضى الله عنهم ، جعلها الله سبحانه ذخيرة لغيرى يظهرها على يده ليذكر بها. ولقد صدق القائل الثّانى : كم ترك الأوّل للآخر ، فحيث حقق الله سبحانه النية في ذلك سلكت طريق الكتابين في التّرتيب الذى اشتملا عليه ، والوضع الذى حوياه من التّقفية على حروف المعجم بالتزام الحرف الأوّل والثانى من كلّ كلمة ، وإتباعهما بالحرف الثالث منها على سياق الحروف ، إلّا أنّى وجدت في الحديث كلمات كثيرة في أوائلها حروف زائدة قد بنيت الكلمة عليها حتى صارت كأنها من نفسها ، وكان يلتبس موضعها الأصلى على طالبها ، لا سيّما وأكثر طلبة غريب الحديث لا يكادون يفرقون بين الأصلى والزائد ، فرأيت أن أثبتها في باب الحرف الذى هو في أوّلها وإن لم يكن أصليّا ونبّهت عند ذكره على زيادته لئلّا يراها أحد في غير بابها فيظنّ أنى وضعتها فيه للجهل بها فلا أنسب إلى ذلك ، ولا أكون قد عرّضت الواقف عليها للغيبة وسوء الظنّ. ومع هذا فإن المصيب في القول والفعل قليل بل عديم. ومن الذى يأمن الغلط والسهو والزّلل؟ نسأل الله العصمة والتوفيق.
وأنا أسأل من وقف على كتابى هذا ورأى فيه خطأ أو خللا أن يصلحه وينبّه عليه ويوضّحه ويشير إليه حائزا بذلك منى شكرا جميلا ، ومن الله تعالى أجرا جزيلا.
وجعلت على ما فيه من كتاب الهروى (هاء) بالحمرة ، وعلى ما فيه من كتاب أبى موسى (سينا) وما أضفته من غيرهما مهملا بغير علامة ليتميز ما فيهما عما ليس فيهما.
وجميع ما في هذا الكتاب من غريب الحديث والآثار ينقسم قسمين : أحدهما مضاف إلى مسمّى ، والآخر غير مضاف ، فما كان غير مضاف فإن أكثره والغالب عليه أنه من أحاديث رسول الله صلى الله