وفى حديث عياش بن أبى ربيعة «والأسود البَهِيم كأنه من ساسم» أى المصمت الذى لم يخالط لونه لون غيره.
[ه] وفي حديث عليّ رضى الله عنه «كان إذا نزل به إحدى المُبْهَمَات كشفها» يريد مسألة معضلة مشكلة ، سمّيت مُبْهَمَة لأنها أُبْهِمَت عن البيان فلم يجعل عليها دليل.
ومنه حديث قسّ :
تجلو دجنّات الدّياجى والبُهَم
البُهَم جمع بُهْمَة بالضم ، وهى مشكلات الأمور.
(ه) ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «أنه سئل عن قوله تعالى «وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ» ولم يبيّن أدخل بها الابن أم لا ، فقال : أَبْهِمُوا ما أَبْهَمَ الله» قال الأزهرى : رأيت كثيرا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر وإشكاله ، وهو غلط. قال وقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) إلى قوله (وَبَناتُ الْأُخْتِ) هذا كله يسمّى التّحريم المُبْهَم ؛ لأنه لا يحلّ بوجه من الوجوه ، كالبَهِيم من ألوان الخيل الذى لا شية فيه تخالف معظم لونه ، فلما سئل ابن عباس رضى الله عنهما عن قوله تعالى (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) ولم يبيّن الله تعالى الدخول بهنّ أجاب فقال : هذا من مُبْهَم التّحريم الذى لا وجه فيه غيره ، سواء دخلتم بنسائكم أو لم تدخلوا بهنّ ، فأمّهات نسائكم محرّمات من جميع الجهات. وأما الرّبائب فلسن من المبهمات ؛ لأنّ لهنّ وجهين مبيّنين ، أحللن في أحدهما وحرّمن في الآخر ، فإذا دخل بأمّهات الرّبائب حرمت الربائب ، وإن لم يدخل بهنّ لم يحرمن ، فهذا تفسير المُبْهَم الذى أراد ابن عباس ، فافهمه. انتهى كلام الأزهرى. وهذا التفسير منه إنّما هو للرّبائب والأمّهات. لا لحلائل الأبناء ، وهو في أوّل الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا الرّبائب والأمّهات.
وفي حديث الإيمان والقدر «وترى الحفاة العراة رعاء الإبل والبَهْم يتطاولون في البنيان» البَهْم جمع بَهْمَة وهى ولد الضأن الذكر والأنثى ، وجمع البَهْم بِهَام ، وأولاد المعز سخال ، فإذا اجتمعا أطلق عليهما البَهْم والبِهَام ، قال الخطابى : أراد برعاء الإبل والبهم الأعراب وأصحاب البوادى الذين ينتجعون مواقع الغيث ولا تستقرّ بهم الدّار ، يعنى أن البلاد تفتح فيسكنونها ويتطاولون في البنيان. وجاء