ومنه الحديث «أنه بعث بعثا فمرّوا بأعرابىّ له غنم ، فقالوا أَجْزِرْنَا» أى أَعْطِنَا شاة تصلُحُ للذّبح.
[ه] والحديث الآخر «فقال : يا راعي أَجْزِرْنِي شاة».
وحديث خوّات «أبشر بجَزْرَةٍ سمينة» أى شاة صالحة لأن تُجْزَرَ : أى تذبح للأكل.
يقال : أَجْزَرْتُ القوم إذا أعطيتهم شاة يذبحونها ، ولا يقال إلّا في الغنم خاصّة.
ومنه حديث الضحية «فإنما هى جَزْرَةٌ أطعمها أهلَهُ» وتجمع على جَزَر بالفتح.
ومنه حديث موسى عليهالسلام والسّحرة «حتّى صارت حبالهم للثّعبان جَزَراً» وقد تكسر الجيم.
ومن غريب ما يروى في حديث الزكاة «لا تأخذوا من جَزَرَاتِ أموال النّاس» أى ما يكون قد أعدّ للأكل ، والمشهور بالحاء المهملة.
وفيه «أنه نهى عن الصّلاة في المَجْزِرَةِ والمقبرة» المَجْزِرَةُ (١) : الموضع الذى تنحر فيه الإبل وتذبح فيه البقر والشّاء ، نهى عنها لأجل النّجاسة التى فيها من دماء الذّبائح وأرواثها ، وجمعها المَجَازِرُ.
[ه] ومنه حديث عمر رضى الله عنه «اتّقوا هذه المَجَازِرَ فإن لها ضَرَاوة كضراوة الخمر» نهى عن أماكن الذّبح ، لأن إلفها وإدامة النّظر إليها ، ومشاهدة ذبح الحيوانات مما يقسّى القلب ، ويذهب الرحمة منه ، ويعضده قول الأصمعى في تفسيره أنه أراد بالمَجَازِرِ النّدىّ ، وهو مجتمع القوم ، لأن الجُزُرَ إنّما تنحر عند جمع الناس. وقيل إنما أراد بالمَجَازِرِ إدمان أكل اللّحوم ، فكنى عنها بأمكنتها (٢).
وفي حديث الضحية «لا أعطي منها شيئا في جُزَارَتِها» الجُزَارَةُ بالضم : ما يأخذ الجَزَّار من الذّبيحة عن أجرته ، كالعُمَالَة للعامل. وأصل الجُزَارَةِ. أطراف البعير : الرأس ، واليدان ، والرجلان ، سميّت بذلك لأن الجَزَّار كأن يأخذها عن أجرته ، فمنع أن يأخذ من الضحية جزءا في مقابلة الأجرة.
__________________
(١) قال في المصباح «المجزر : موضع الجزر ، مثل جعفر ، وربما دخلته الهاء فقيل : مجزرة» وفي الصحاح بكسر الزاى.
(٢) في الدر النثير : قلت هذا أصح ، وبه جزم ابن الجوزى.