أى إن هذه الخلال جُزْءٌ من خمسة وعشرين جُزْءاً مما جاءت به النبوّة ودعا إليه الأنبياء.
ومنه الحديث «أنّ رجلا أعتق ستّة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم ، فدعاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فَجَزَّأَهُمْ أثلاثا ، ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين وأرقّ أربعة»
أى فرّقهم أَجْزَاءً ثلاثة ، وأراد بالتَّجْزِئَةِ أنه قسمهم على عبرة القيمة دون عدد الرّؤوس ، إلّا أنّ قيمتهم تساوت فيهم فخرج عدد الرءوس مساويا للقيم. وعبيد أهل الحجاز إنّما هم الزّنوج والحبش غالبا ، والقيم فيهم متساوية أو متقاربة ، ولأنّ الغرض أن تنفذ وصيّته في ثلث ماله ، والثّلث إنما يعتبر بالقيمة لا بالعدد. وقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة رحمهمالله : يعتق ثلث كلّ واحد منهم ، ويستسعى في ثلثيه.
وفي حديث الأضحية «ولن تُجْزِئَ عن أحد بعدك» أى لن تكفى ، يقال أَجْزَأَنِي الشىء : أى كفانى ، ويروى بالياء ، وسيجيء.
(س) ومنه الحديث «ليس شىء يُجْزِئُ من الطّعام والشراب إلا اللّبن» أى ليس يكفى ، يقال جَزَأَتِ الإبلُ بالرّطب (١) عن الماء : أى اكتفت.
وفي حديث سهل «ما أَجْزَأَ منّا اليوم أحد كما أَجْزَأَ فلان» أى فعل فعلا ظهر أثره ، وقام فيه مقاما لم يقمه غيره ولا كفى فيه كفايته. وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث.
(س) وفيه «أنه صلىاللهعليهوسلم أُتِيَ بقناع جَزْءٍ» قال الخطّابى : زعم راويه أنه اسم الرّطب عند أهل المدينة ، فإن كان صحيحا فكأنهم سمّوه بذلك للاجْتِزَاءِ به عن الطّعام ، والمحفوظ «بقناع جرو» بالراء وهو القثّاء الصّغار. وقد تقدم.
(جزر) ـ فيه ذكر «الجَزُورِ» في غير موضع ، الجَزُورُ : البعير ذكرا كان أو أنثى ، إلا أنّ اللّفظة مؤنثة ، تقول هذه الجَزُوُ ر ، وإن أردت ذكرا ، والجمع جُزُرٌ وجَزَائِر.
ومنه الحديث «أن عمر رضى الله عنه أعطى رجلا شكا إليه سوء الحال ثلاثة أنياب جَزَائِر».
__________________
(١) الرطب : الرّعى الأخضر من البقل والشجر ، وتضم الطاء وتسكن. القاموس (رطب)