(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «لَحِرْفَةُ أحدكم أشدّ علىّ من عيلته» أى إنّ إغناء الفقير وكفايته أيسر علىّ من إصلاح الفاسد. وقيل : أراد لعدم حرفة أحدهم والاغتمام لذلك أشدّ علىّ من فقره.
ومنه حديثه الآخر «إنى لأرى الرجل يعجبنى فأقول هل له حِرْفَةٌ؟ فإن قالوا لا سقط من عينى» وقيل معنى الحديث الأوّل هو أن يكون من الحرْفَة بالضّم وبالكسر ، ومنه قولهم : حُرْفَةُ الأدب. والمُحَارَفُ بفتح الراء : هو المحروم المجدود الذى إذا طلب لا يرزق ، أو يكون لا يسعى في الكسب. وقد حُورِفَ كسب فلان إذا شدّد عليه في معاشه وضيّق ، كأنه ميل برزقه عنه ، من الانْحِرَاف عن الشىء وهو الميل عنه.
ومنه الحديث «سلّط عليهم موت طاعون ذفيف يُحَرِّفُ القلوب» أى يميلها ويجعلها على حَرْف : أى جانب وطرف. ويروى يحوّف بالواو وسيجىء.
ومنه الحديث «ووصف سفيان بكفّه فحَرَّفَهَا» أى أمالها.
والحديث الآخر «وقال بيده فَحَرَّفَهَا» كأنه يريد القتل. ووصف بها قطع السّيف بحدّه.
[ه] ومنه حديث أبى هريرة رضى الله عنه «آمنت بمُحَرِّفِ القلوب» أى مزيغها ومميلها ، وهو الله تعالى. وروى «بمحرّك القلوب».
[ه] وفي حديث ابن مسعود «موت المؤمن بعَرَقِ الجبين فيُحَارَفُ عند الموت بها ، فتكون كفّارة لذنوبه» أى يقايس بها. والمُحَارَفَةُ : المقايسة بالمِحْرَافِ ، وهو الميل الذى تختبر به الجراحة ، فوضع موضع المجازاة والمكافأة. والمعنى أنّ الشّدّة التى تعرض له حتى يعرق لها جبينه عند السّياق تكون كفّارة وجزاء لما بقى عليه من الذّنوب ، أو هو من المُحَارَفَةِ ، وهو التشديد في المعاش.
(ه) ومنه الحديث «إنّ العبد لَيُحَارَفُ على عمله الخير والشرّ» أى يجازى. يقال : لا تُحَارِفْ أخاك بالسّوء : أى لا تجازه. وأَحْرَفَ الرجل إذا جازى على خير أو شرّ. قاله ابن الأعرابى.