(ه) ومنه الحديث «كان إذا اغتسل بدأ بشىء مثل الحِلَاب ، فأخذ بكفّه فبدأ بشقّ رأسه الأيمن ، ثم الأيسر» وقد رويت بالجيم وتقدّم ذكرها. قال الأزهرى : قال أصحاب المعانى : إنه الحِلَاب ، وهو ما تُحْلَبُ فيه الغنم ، كالمِحْلَب سواء ، فصحّف ، يعنون أنه كان يغتسل في ذلك الحِلَاب : أى يضع فيه الماء الذى يغتسل منه واختار الجلّاب بالجيم ، وفسّره بماء الورد.
وفي هذا الحديث في كتاب البخارى إشكال ، ربّما ظنّ أنه تأوّله على الطّيب فقال : باب من بدأ بالحِلَاب والطّيب عند الغسل. وفي بعض النسخ : أو الطّيب ، ولم يذكر في الباب غير هذا الحديث «أنه كان إذا اغتسل دعا بشيء مثل الحِلَاب» وأمّا مسلم فجمع الأحاديث الواردة في هذا المعنى في موضع واحد ، وهذا الحديث منها ، وذلك من فعله يدلّك على أنه أراد الآنية والمقادير. والله أعلم. ويحتمل أن يكون البخارى ما أراد إلّا الجلّاب بالجيم ؛ ولهذا ترجم الباب به وبالطّيب ، ولكن الذى يروى في كتابه إنما هو بالحاء ، وهو بها أشبه ، لأن الطّيب لمن يغتسل بعد الغسل أليق منه قبله وأولى ؛ لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء.
(س) وفيه «إياك والحَلُوب» أى ذات اللّبن. يقال ناقة حَلُوب : أى هى ممّا يُحْلَب.
وقيل : الحَلُوب والحَلُوبة سواء. وقيل : الحلوب الاسم ، والحلوبه الصّفة. وقيل : الواحدة والجماعة.
(ه) ومنه حديث أم معبد «ولا حَلُوبَة في البيت» أى شاة تُحْلَب.
ومنه حديث نقادة الأسدى «أبغنى ناقة حَلْبَانَة ركبانة» أى غزيرة تُحْلَب ، وذلولا (١) تركب ، فهى صالحة للأمرين ، وزيدت الألف والنون في بنائهما للمبالغة.
ومنه الحديث «الرّهن مَحْلُوب» أى لمرتهنه أن يأكل لبنه بقدر نظره عليه وقيامه بأمره وعلفه.
وفي حديث طهفة «ونَسْتَحْلِبُ الصّبير» أى نستدرّ السّحاب.
وفيه «كان إذا دعى إلى طعام جلس جلوس الحَلَب» وهو الجلوس على الرّكبة لِيُحْلَب الشّاة. وقد يقال : احْلُب فكل : أى اجلس ، وأراد به جلوس المتواضعين.
__________________
(١) في الأصل : ذلولة ، والمثبت من ا واللسان.