ألا تراه قال : أكلت حتى إذا امتدّت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ، أراد أنها إذا شبعت منها بركت مستقبلة عين الشمس تستمرئ بذلك ما أكلت ، وتجترّ وتثلط ، فإذا ثلطت فقد زال عنها الحبط. وإنما تحبط الماشية لأنها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول ، فتنتفخ أجوافها ، فيعرض لها المرض فتبهلك. وأراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها ، وببركات الأرض نماءها وما يخرج من نباتها.
(ه) ومنه الحديث «إنّ الدنيا حلوة خَضِرَةٌ» أى غضّة ناعمة طريّة.
(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «اغزوا والغزو حلو خَضِرٌ» أى طرىّ محبوب لما ينزل الله فيه من النصر ويسهّل من الغنائم.
(ه) وفى حديث عليّ «اللهم سلّط عليهم فتى ثقيف الذّيّال (١) يلبس فروتها ، ويأكل خَضِرَتَهَا» أى هنيئها ، فشبّهه بالخضر الغضّ النّاعم.
ومنه حديث القبر «يملأ عليه خَضِراً (٢)» أى نعما غضّة.
(ه) وفيه «تجنّبوا من خَضْرَائِكُمْ ذوات الريح» يعنى الثّوم والبصل والكرّاث وما أشبهها.
(ه) وفيه «أنه نهى عن الْمُخَاضَرَةِ» هى بيع الثمار خُضْراً لم يبد صلاحها.
ومنه حديث اشتراط المشترى على البائع «أنه ليس له مِخْضَارٌ» الْمِخْضَار : أن ينتثر البسر وهو أَخْضَرُ.
(ه) وفى حديث مجاهد «ليس فى الْخَضْرَاوَاتِ صدقة» يعنى الفاكهة والبقول. وقياس ما كان على هذا الوزن من الصّفات أن لا يجمع هذا الجمع ، وإنما يجمع به ما كان اسما لا صفة ، نحو صحراء ، وخنفساء ، وإنما جمعه هذا الجمع لأنه قد صار اسما لهذه البقول لا صفة ، تقول العرب لهذه البقول : الْخَضْرَاءُ لا تريد لونها.
ومنه الحديث «أتى بقدر فيه خَضِراتٌ» بكسر الضاد أى بقول ، واحدها خَضِرَةٌ.
__________________
(١) هو الحجاج بن يوسف الثقفى
(٢) فى الدر النثير : قلت قال القرطبى فى التذكرة : فسر فى الحديث بالريحان.