فتعجلت إلى المدينة ، واجتنبت المسجد ومجالسة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما طال ذلك علىّ تحيّنت ساعة خلوة المسجد ، ثم أتيت المسجد فجعلت أصلى. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من بعض حجره ، فجاء فصلى ركعتين خفيفتين وطوّلت الصلاة رجاء أن يذهب ويدعنى ، فقال طوّل يا أبا عبد الله ما شئت فلست بقائم حتى تنصرف ، فقلت : والله لأعتذرنّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولأبرئن صدره ، فانصرفت ، فقال : السلام عليكم أبا عبد الله ما فعل شِرَاد الجمل (١)؟ فقلت : والذى بعثك بالحق ما شَرَدَ ذلك الجمل منذ أسلمت ، فقال : رحمك الله ، مرّتين أو ثلاثا ، ثم أمسك عنّى فلم يعد.
(شرر) (ه) فى حديث الدعاء «الخير بيديك ، والشَّرُّ ليس إليك» أى أنّ الشَّرَّ لا يتقرّب به إليك ، ولا يبتغى به وجهك ، أو أن الشَّرَّ لا يصعد إليك ، وإنما يصعد إليك الطّيّب من القول والعمل. وهذا الكلام إرشاد إلى استعمال الأدب فى الثّناء على الله ، وأن تضاف إليه محاسن الأشياء دون مساويها ، وليس المقصود نفى شىء عن قدرته وإثباته لها ، فإن هذا فى الدعاء مندوب إليه. يقال يا ربّ السماء والأرض ، ولا يقال يا ربّ الكلاب والخنازير ، وإن كان هو ربّها. ومنه قوله تعالى «وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها».
وفيه «ولد الزّنا شَرُّ الثلاثة» قيل هذا جاء فى رجل بعينه كان موسوما بالشّرّ. وقيل هو عامّ. وإنما صار ولد الزنا شَرّاً من والديه لأنه شرّهم أصلا ونسبا وولادة ، ولأنه خلق من ماء الزّانى والزّانية ، فهو ماء خبيث. وقيل لأن الحدّ يقام عليهما فيكون تمحيصا لهما ، وهذا لا يدرى ما يفعل به فى ذنوبه.
(س) وفيه «لا يأتى عليكم عام إلّا والذى بعده شَرٌّ منه» سئل الحسن عنه فقيل : ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجّاج؟ فقال : لا بدّ للناس من تنفيس. يعنى أنّ الله ينفّس عن عباده وقتا مّا ، ويكشف البلاء عنهم حينا.
(ه) فيه «إن لهذا القرآن شِرَّةً ، ثم إن الناس عنه فترة» الشِّرَّةُ : النشاط والرّغبة.
(س) ومنه الحديث الآخر «لكلّ عابد شِرَّةٌ».
__________________
(١) فى ا : ما فعل شراد جملك