هذا بابُ ما هو اسمٌ يقَعُ على الجميع لم يُكَسَّر عليه واحدُه
ولكنَّه بمنزِلةِ قومٍ ونَفَر وذَوْد الا أن لَفْظه من لفْظ واحده
وذلك قولُك رَكْب وسَفْر فالرَّكْب لم يكَسَّر عليه راكِبٌ ألا تَرَى أنك تقولُ في التحقير رُكَيب وسُفَيْر واعلم أن هذا البابَ انما فيه الجمْعُ الذى هو من لَفْظ الواحدِ وليس بجمعٍ مكسَّر وانما هو اسمٌ للجمع كما أن قَوْما ونَفَرا وذَوْدا أسماءٌ للجمع وليست من لفْظ الواحدِ فَرَكْبٌ وسَفْر اسمٌ للجمْع كقَوْم ونَفَر الا أنَّه من لَفْظ الواحدِ هذا مَذْهب سيبويه وقال الاخفش رَكْبٌ وسَفْر وجميعُ ما يجمَع من فاعِل على فَعْل كقولِهم صاحِب وصَحْب وشارِب وشَرْب جَمْعٌ مكسَّرٌ فاذا صُغِرَ على مذهب الاخفش رُدّ الى الواحد فصُغِّر لفظُه ثم تَلْحقُه الواوُ والنُّونُ اذا كان لمذَكَّرِ ما يعقِل وان كان للمؤَنَّث أو لما لا يَعْقِل جمع بالألِف والتاءِ فتقول في تصغِيرِ رَكْبٍ رُوَيْكِبُون وفي سَفْر مُسَيْفِرُونَ لأنه يرُدُّه الى مُسافِر فيُصَغِّره ويجمَعُه وتقول في تصغِير زَوْر اذا كان جمع زائِر مذَكَّر زُوَيْئِرونَ وان كان للنّساء زُوَيْئِراتٌ وفي طَيْر وهى جمعُ طائِر على مذهب الأخفش طُوَيْئِرات* وقال الزجاج* مُحْتَجًّا لسيبويه في أن فَعْلا ليس بجمْعٍ مكسَّر إن الجمْعَ المكسَّر حقه أن يَزِيدَ على لفظِ الواحِد وهذا أخَفُّ أبْنِيَة الواحد فليس بجمْعٍ مكسَّر وانما هو اسمٌ للجمْع واسمُ الجمعِ يجرى مَجْرَى الواحد ولا يستَمِرُّ قياسُ هذا في الجُموع كلِّها لا يقال جالِسٌ وجَلْس ولا كاتِبٌ وكَتْب* قال سيبويه* وزعم الخليلُ أن مثلَ ذلك الكَمْأة وكذلك الجَبْأة ـ وهى ضَرْب من الكَمْأة ولم يكسَّر عليه كَمْ تقول كُمَيْئة يريد أن الكَمْأة جمعٌ للكَمْءِ لا على سبِيلِ التكسير وتصغيرُه كُمَيْئة ولو كان مُكَسَّرًا لواجَبِ أن يقال كُمَيْئات لأن كَمْاءً يصَغَّر كُمَئْ ثم يُزاد عليه الالف والتاء للجمع فيقال كُمَيْئات وهذا مما يُذكَر من نادِر الجمْع لأن الهاء تكونُ في الواحِد كتَمرة للواحد وتَمْر للجمع وبُسْرة وبُسْر وهذا كَمْء للواحد وكَمْأة للجمع وقال الشاعر فجمع كَماء على أكْمُؤ كما قيل كلْبٌ وأكْلُب
ولقد جَنَيْتك أَكْمُؤا وعَسَاقِلاً |
|
ولقد نَهَيْتك عن بَنَاتِ الأوْبَرِ |