والتَّكْبِيرة يراد بذلك كلِّه مرةً واحدة وقالوا غَزَاة فأرادُوا عملَ وَجْهٍ واحدٍ وقالوا حِجَّة يريدُون عمَلَ سنةٍ واحدةٍ ولم يجِيئُوا به على الأصل أى إنه كان حقُّه للمرةِ الواحدةِ غَزْوةً وحَجَّة ولكنّه جعل اسما لعملِ سنةٍ واحدةٍ في الحج وغَزْوٍ في وَجْهٍ واحدٍ وقالوا قَنمةٌ وسَهَكةٌ وخَمَطة جعلوه اسما لبعضِ الرِّيح كالبَنَّة والشَّهْدة والعَسَلة ولم يُرَد به فَعَل فَعْلةً أعنى أن القَنَمة اسمٌ للرائحةِ الموجُودة في الوقْت والخَمَطةَ تغيُّر الشَّراب الى الحُمُوضة والبَنَّة رائحةُ موضِع الغَنم وأبعارِها (١)
هذا بابُ نَظائرِ ما ذكَرْنا من بَنَاتِ الياءِ والواوِ
التى الياءُ والواوُ منهنَّ في موضِع اللاماتِ
قالوا رميْتُه رَمْيا وهو رامٍ كما قالُوا ضرَبْته ضَرْبا وهو ضارِبٌ ومثلُ ذلك مَرَاه يَمْرِيه مَرْيا وطَلَاه يَطْلِيه طَلْيا وهو مارٍ وطالٍ وغَزَاه يَغْزُوه غَزْوا وهو غازٍ ومَحَاه يَمْحُوه مَحْوا وهو ماحٍ وقَلَاه يَقْلِيهِ وهو قالٍ وقالوا لَقِيته لِقاءً كما قالوا سَفِدَها سِفَادًا وقالوا اللُّقِىُّ كما قالوا النُّهُوك يريد أن وَزْنَ اللُّقِّىِ فُعُول وأصلهُ لُقُوىٌ وقُلِبت الواو ياءً لسَبْقها بالسَّكونِ وقالوا قَلَيتُه فأنا أقْلِيه قِلىً كما قالُوا شَرَيْته شِرًى وقد جاء في هذا الباب المصدر على فُعَل قالوا هَدَيْته هُدًى ولم يكُن هذا في غير هُدًى وذلك لأن الفِعَل لا يكونُ مَصدَرا في هَدَيت فصار هذا عِوَضا منه* قال أبو العباس المبرد* اعلم أن فُعَلا يقِلُّ في المَصادر وكلامُ سيبويه ظاهره يوجِبُ أنه لم يأتِ مصدَرٌ على فُعَل غير هُدًى وللقائل أن يقُول قد وجدْنا تُفى وسُرًى وبُكًى فيمن قَصر* قال أبو على* وقد تكلَّم النحويُّون فذكر عن أبى العباس المبرّد أنه قال وزنُ تُقًى تُعَلٌ وان التاء زائدة وفاءُ الفِعل محذوفةٌ وذلك أن العرَب يقولُون في موضع اتَّقَى تَقَى يَتَقِى بفتح التاءِ من يَتَقِى وذلك أنهم يحذِفُون التاء الاولَى الساكنةَ التى هى بَدَلٌ من واو وَقَيت فاذا حذفُوها وَلِيت ألفَ الوصل التاءُ الثانيةُ المتحرِّكةُ فسَقطت فصار تَقَى وصار في المستقبَل يَتَقِى واذا أمرت قلت تَقِ ربَّكَ يا زيدُ وللمرأة تَقِى ربَّكِ يا هِنْدُ وبعض الناس يظنُّ أنه يقال تَقَى يَتْقِى بسكون التاء ولو كان كما ظنَّ الناسُ كان بمنزلة
__________________
(١) قلت اقتصار ابن سيده في تفسيره البنة بقوله رائحة موضع الغنم وبأعارها قصور منه والأولى أن لو قال البنة الرائحة طيبة كانت أو مُنْتنة ورائحة بعر الظباء ومنه كناس مُبِنٌّ وموضع اقامة النعم كله لا الغنم وحدها وكتبه محمد محمود لطف الله به آمين