كثُرَ في المعتلِّ من هذا الباب فَعِلَ يَفْعِلُ على قِلَّته في الصحيح والسببُ في ذلك كَراهتُهم الجمعَ بينَ واوٍ وياءٍ لو قالوا وَلِىَ يَوْلِى ووَرِثَ يَوْرِثُ ووَثِقَ يَوْثِقُ فَحملوه على بناءٍ تَسقُطْ فيه الواوُ وما كان من الياءِ فانه لا يسقطُ منه الياءُ لوقوعها بين ياء وكسرةٍ كقولهم يَئِسَ يَيْئِسُ ويَبِسَ يَيْبِسُ ويَسَر يَيْسِرُ من المَيْسرِ ويَمَن يَيْمِنُ من اليُمْنً لأن الياء أخفُّ من الواو لأنهم يفِرُّون من الواوِ الى الياءِ ولا يَفِرُّون من الياءِ الى الواوِ فلما كانت الياءُ أخفَّ سَلموهُ اذا كانت فاءَ الفِعلِ ومن العرب من يجرِى الياء مُجرَى الواوِ وهو قليل فيقو يَئِسَ يَئِسُ والاصل يَيْئِسُ فسقطتِ الياءُ الثانية لوقوعها بين ياءٍ وكسرةٍ كسقوط الواوِ في يَعِدُ ويَزِنُ
هذا باب افْتراقِ فَعَلْتُ وأَفْعلتُ في المعنَى
تقول دَخَل وخَرَج وجَلَس فاذا أخبرتَ أن غيرَه صَيَّره الى شئ من هذا قلت أدخَلَه وأخْرجه وأجْلَسه وتقول فَزِعَ وأفْزَعته وخافَ وأخَفْته وجالَ وأجَلْته فأكثَرُ ما يكونُ على فَعَلَ اذا أردْتَ أن غيره أدخَله في ذلك يُبْنَى الفعلُ منه على أفْعلْت ومن ذلك أيضا مَكُث وأمْكَثْته وقد يجىء الشىءُ على فَعَّلْت فتشرَك أفْعلْت كما أنهما قد يَشتَرِكان في غير هذا وذلك قولك فَرِحَ وأفْرَحْته وإن شئت قلتَ وفَرَّحته وغَرِمَ وغَرَّمته وأغْرَمته إن شئتَ كما تقول فَزَّعته وأفْزَعته وتقول مَلُح ومَلَّحته وسمعناه من العرب من يقُول أمْلَحته كما تقول أفْزَعْته وقالوا ظَرُفَ وظَرَّفته ونَبُل ونَبَّلته ولا يُستَنْكَر أفعَلْت فيهما ولكن هذا أكثَرُ فاستُغْنِى به ومثل أفْرَحْت وفَرَّحت أنزَلْت ونَزَّلت قال الله تعالى «وقالُوا لَوْ لا أُنْزِل عليه آيةٌ مِن ربِّه (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) ويقال نَجَا زيدٌ وأنْجَيتُه ونَجَّيته وكَثَّرهم وأكْثَرهم ويدخل في ذلك عَرَف زيدٌ أمرَه وعَرَّفت زيدا أمْرَه* قال أبو على* اعلم أن هذا البابَ يسَمَّى باب نَقْل الفِعْل عن فاعله وتصيِيره مفْعُولا وذلك أن الفعل الثُّلاثىَّ اذا أردتَ أن تجعلَ الفاعلَ فيه مفعولاً جِئتَ بفاعِلٍ أدخَلَه في ذلك الفِعل فيصيرُ مفعُولا وعلامة نَقْل الفعل أن تزيدَ همزةً في أوَّله أو تُشَدِّد عينَ الفِعل وزيادةُ الهمزة في أوّله أكثَرُ وأعمُّ فاذا كان الفِعْل غير متعَدٍّ تعدَّى الى واحدٍ كقولك ذَهَب