فهَلَّا أسقطتموها لوقوعها بينَ ياءٍ وضَمَّة وهى أثقلُ في قولك وضُؤَ الرجُل يَوْضُؤُ ووَسُم يَوْسَم ـ اذا صارَ وَسِيما ووَقُحَ الحافِرُ يَوْقُح قيل له انما أنمُّوا هذا البابَ لأنه لزم طرِيقا واحِدًا لا يمكنُ فيه التغْيِيرُ في وَزنُه فلمَّا لزِمَهم ذلك التزَمُوا التمامَ فيه وهو أن باب وَعَدَ ووَزَنَ هو على فَعَلَ وفَعَلَ يَجِىء مستقبَلُه على يَفْعِل ويَفْعُل فاقصَرُوا على يَفْعِل منه لما ذكرنا من العِلَّة فكان اقتصارُهم على يَفْعِل تغييرًا لما يوجِبه القِياسُ في مستقبَلِ فَعَل فحمَلَهم التغييرُ في ذلك أن حذَفُوا الواوَ أيضا وهو تغييرٌ آخَرُ لما فيه من الاستِثْقال فكأنهم أتْبَعوا التغييرَ وهذا الطريقُ يسلُكه سيبويه كثيرا وأما وَسُم يَوْسُم فانه على فَعُل ويلزَم مستقبَل فَعُل يَفْعُل فلَمَّا لم يُغَيَّر مستقبَلُه الذى هو واجِب في الصحِيح في مثل ظَرُف وكَرُم لم تحذَف الواوُ منه لأن الأصل هو يَفْعُل فيه وإن ثبتت الواو فلما لم يُغَيَّر أحدُهما لم يغيَّر الآخَرُ ومما يقوّى ذلك أن فَعَلَ لا يأتى .... (١) اذا كان في موضعِ عينهِ أو لامهِ حرفٌ من حروفِ الحلْقِ فيجعلُ على يَفْعَلُ كما يُجعَلُ ما كان ماضيهِ على فَعِلَ وان قال قائلُ فقد تقَعُ الواوُ بين يَاءٍ وكَسرةٍ في مثل يُوقِنُ ويُوصِلُ فهَلَّا حُذفَتْ فالجوابُ فيهِ نحوُ ما ذكرنا أنَّ مُستقبلَ أفعلَ لا يتغيّر عن يُفْعِلُ كما أنَّ مُستقبلَ فَعُلَ لا يتغيّر عن يَفْعُلُ ومع ذلك فانَّ الواوَ الساكنةَ اذا كان ما قبلها ضمةٌ فهى كالاشباع للضمةِ والاستِثقالُ لها أقلُّ وقد ذكرَ سيبويه أن من العربِ من يقولُ يَجُدُ وذلك قليلٌ وحَذفُوا الواوَ من يَجُدُ لأن الاصلَ فيه يَجِدُ فسقطتِ الواوُ من أَجلهِ وقالوا وَرِمَ يَرِمَ ووَرِعَ يَرِعُ وَرَعًا ووَرَمًا ويَوْرَعُ لغةٌ ووَغرَ صَدرُه يَغِرُ ووَحِرَ يَحِرُ وَحَرًا ووَغَرًا ويَوْغَرُ ويَوْحَرُ أكثَرَ ووَلِى يَلِى ووَثِقَ يَثِقُ ووَمِقَ يَمِقُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَفِقَ يَفِقُ ووَرِىَ الزَّندُ يَرِى* قال الفارسى* وقد قرئ فما وَهِنُوا والمستقبلُ يَهِنُ فهو من هذَا البابِ اذ لم نَسمَعْ يَوْهَن فأما قَولُهمْ «اذا عَزَّ أخُوكَ فَهِنْ» فهو من هَانَ يَهِينُ يقال هَانَ الرجلُ يَهِينُ مثلُ لَان يَلِينُ يَرويه عن الزَّجَّاجِ ولا يكون من وَهنَ يَهِنُ لأن هذا انما هو ضعفٌ وضدُّه القُوَّةُ وليس ضِدُّ اللِّينِ القُوَّةَ انما ضِدُّه الصَّلابةُ فكذلك عَزَّ اشْتدَّ وصَلُبَ ولو كان عَزَّ قَوِىَ وكان في الكلام موجودًا لقَلنَا ان هِنْ من وَهِن يَهِنُ فهذا نقلُ أبِى على* وقد حكى أبو عبيد* وَهَنْت في أمرِكَ ووَهِنْتَ وقد
__________________
(١) بياض بالأصل