ولام العِلَّة كقولهم صَلَّيت لِأَدخُلَ الجنةَ وكلَّمته لِيَأْمُرَ لِى بشئْ وجميعِ اللاماتِ الملفُوظِ بها والمُقَدَّرةِ في باب المفعُول له وأمَّا لام العاقِبَة فكقوله تعالى (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) وكقولهم للموتِ ما تَلِدُ الوالِدةُ وهذا كله راجعٌ الى معنَى الاختِصاصِ لأن معناه دائِر في سائرِ الأقسام* قال سيبويه* معنى اللام الملكُ والاستحقاقُ للشئ ففرَّق بين المِلك والاستحقاقِ لأن بعضَ ما تدخُل عليه اللَّامُ يحسُن أن يَمْلِك ما أُضِيف اليه كقولك الدارُ لعَبْد اللهِ والغلامُ له وبعضُه لا يحسُن أن يقال فيه إنَّ ما أُضيف اليه يملِكُه ولكنه يستَحِقُّه كقولك اللهُ ربٌّ للخَلْق ولا يحسُن أن يقال إن الخَلْق يملِكُون الربَّ ولكنهم يُستَحِقُّونه (١) ولِمَا تضمَّنت اللامُ من معنى الملك والاستحقاقِ قَوِيت قراءة من قرأ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) و (الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)
وباء الاضافة
والغرضُ منها تعلِيقُ الشىءِ بالشئ وهى تأتى على ثلاثةِ أضرُب اختصاصُ الشىءِ بالشئ واتصالُ الشئ بالشىءِ وعملُ الشئ بالشئ وهذا كله راجع الى معنَى التعليق كتعليق الثوب بيدِك للاتصال به وتعليق الذِّكْر بالمذكور للاختصاصِ به وتعليقِ الفعل بالقُدرة والآلة يُوصَل بها الى عملِ الشئ* قال سيبويه* ومعنى الباء الالزاقُ والاختِلاط كقولك بِه داءٌ وخرجْت بزيد ودخَلْت به وضربته بالسَّوط ألزقت ضربَك إياه بالسَّوْط فان اتسع الكلام فهذا أصلُه أى انك اذا قلت مررْت بزيد فالمُرور لم يتعَلَّق بزَيْد وانما يتعلق بموضِعه وقد تكون الباء زائدةً في نحو قولهم بحَسْبِك هذا و (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) فأما الباء التى للقسَم فزعم الخليلُ أنها تأتِى لايصال الحِلف الى المحلوف به كما أنك اذا قلت مررت بزيد فقد أوصلت المُرُور الى المَمْرور به وهى أصل لأخواتها من حروف القسم كالواو والتاء ومن أجْل كونها أصلا تمكَّنت فى بابها فدخَلت على كل اسم ظاهِر ومُضْمَر وذلك أنه لو قيل لك اكْنِ عن اسم الله تعالى من قولك عن هَيْئتها فأما واوُ القسَم في قولك فانها بدل من الباء لأنها من بين الشَّفَتين كما أن الباء كذلك وهم مما يُبْدِلون الحروفَ اذا
__________________
(١) قلت قد عبر ابن سيده في حق الله تعالى هنا بهذه العبارة الشنيعة وهى قوله ولكنهم يستحقون وانما هى في عدم الحسن مثل التى نفاها قبلها بقوله ولا يحسن أن يقال ان الخلق يملكون الرب أقول كذلك يقبح أن يقال ان الخلق يستحقون الرب والجواب عن ابن سيده والله أعلم أنه أراد أن يقول لكنّ الخلق محتاجون الى ربهم وخالقهم فلم يوفق للتعبير عنه كما ينبغى وكتبه محمد محمود لطف الله به آمين