الاسمُ أحملَ للتغيِير لقوَّته في ذاته فَخَصُّوا بالاجحافِ الاسمَ لذلك وَلَدَى كَلَدُنْ ومعنى (دُون) تقصيرٌ عن الغايةِ وتَمَكَّنُ ولَمَّا اقتَضَى معنى التقصير وصفُوا به ما ليس برفيع فقالوا رجُل دُونٌ وثوبٌ دُونٌ (ورُبَّ) معناها التقليلُ والعِزَّة ويُخَفَّف فيقال رُبَ واذا حَقَّروها ردُّوها الى الاصل كما فَعَلُوا ذلك في قَطْ وبَخٍ وهذا مطَّرد ومعنى (قُبَالة) مُقَابَلة ومعنى (تِجاه) مُواجَهَة وتاؤه مبدَلة من واو ومعنى (بَلَى) جوابُ النفىِ بالايجاب وهو حرف لأنه نقيضُ لا في الجواب ومعنى (حَسْبُ) كُفَّ وهذه غيرُ حَسْب التى هى الاسمُ وإن كان معناهما متقاربَيْنِ وهى مَبْنِيَّة على الضمِّ ومعنى (بَجَلْ) حَسْبُ ومعنى (نَعَمْ) جوابٌ وأَجَلْ كنعَمْ ومعنى (أَلَا) تنبيهٌ وانما فَسَّرنا معانِىَ الحُرُوف والأسماءِ التى تَجْرِى مَجْراها في الابهام لأنه مما يُحْتاج في إدراك الحقِّ في معانِيها الى قِياس ونَظيرٍ كما يحتاج في سائرِ أبواب النحو الى قياسٍ ونظيرٍ لتمييز الصَّواب من الخطا وليس ذلك على وَضْع تفسير الغَرِيب بالنحو ومع ذلك فتفسيرها يصْعُب لأنها تَدُورُ بين المُوَلَّدين والعرب على معنًى واحدٍ لشِدَّة الحاجةِ الى معانيها وأنها يُبَيَّن بها غيرُها كالآلات التى يُحْتاج اليها لغيرها فتفسيرُها أشدُّ من تفسير الغَرِيب لأن الغريب له ما يُساويه من اللفظ المعرُوف للمعنى الواحدِ فاذا طُلِب ذلك وُجِد ما يقومُ مَقامه فيفسَّر به ولأنه قد كان يُستغنى به عن الغَرِيب في كلام العرب وليس كذلك الحرُوفُ لأنها في كلام العرب والمولَّدِين سَواءٌ فليس في كلام المُولَّدِين ما يُستغنى به عنها كما كان في الأسْماءِ والأفعالِ فاذا طلب لها ما يفسر به أعْوَزَ ذلك لما بَيَّنا وليس كذلك الأسماءُ والأفعالُ وبيانُ البيانِ أشدُّ لأنه بمنزلةِ أعْلَى الأعْلَى في الامتناعِ من اليد اذ كانتْ تَنَالُ الأدْنَى ولا تَنَال الأعْلَى وكُلَّما زاد العُلُوُّ كان أشدَّ وكذلك منزِلة البيان والأَبْينِ اذا تُرِكَا على هذا المِنْهاج ويصلح أن تفَسَّر أيّان بمَتَى لكثرة استعمال متَى وقِلَّة استعمال أِيَّانَ وانْ كان معناهما واحدًا وأما الذى جاء من الحروف على أربعة فقليل كقولهم (أمّا وحَتَّى ولكنْ الخيفية ولعَلَّ وكِلَا وأنَّى ولَمَّا ولَوْ لا وكأنّ) وكقولهم إمّا في العطف وإلا في الاستثناء أمّا تفصيلُ ما أجملت (فأمّا) فيها معنى الجزاء كقول القائل فى الجواب لمن قال إخْوتُك في الدار فيقول أمّا زَيْد منهم ففى الدار وأمّا عَمْرو فليس