فى الدَّار (حَتَّى) على احتمال الوُجُوه المختِلَفة في الغاية فتارة تكونُ في المُفْرَدة بمنزِلة الى وتارةً تكون في الجُمَل حَرْفا من حُرُوف الابتداءِ ويجوز قمتُ إليه ولا يَجُوز قمت حَتَّاه لا تكونُ حَتَّى في المُضْمَر لأنها أُضْعِفت في حُروف الجرِّ وجعلوها حَرْفا من حروف الابتداء فقطَعوا بها واستأنَفُوا كقولهم
* وحَتَّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بأرْسانِ*
وكقوله
* فَيا عَجبًا حتَّى كُلَيْبٌ تَسُبُّنِى*
وجعلوها مرَّةً عاطفةً كقوله
* والزَّادَ حتَّى نَعْلَه ألْقاهَا*
فأدخَلُوا بها الثانىَ في إعراب الاوّلِ حتى صارت تَجْرِى مَجْرَى الحروف المُخَلَّصة للعطف فلم تَقْوَ قُوَّةَ الى حينَ لزِمت الى بابا واحدًا وما لزم حَيِّزا أقوَى مما اعتَقَب على حيِّزيْنِ ولذلك لم تُضَف حتى الى المضمَر كما أُضِيفت الى ولذلك لم يَرَ حُذَّاق النحوِ أن يجعَلُوا للجملة التى بعد حَتَّى موضِعًا من الاعراب أعنِى أن تكون مُنْجَرَّة الموضِع بحتَّى حين لم يَروُا المضمَرَ يجوز بعدَها وكانت الجملة أَحْرَى أن لا تكونَ مُنْجرَّةَ الموضِع بعدَها اذ المُضمَر نائبٌ مَنابَ المُظْهَر في السَّعة والاختيارِ والجملةُ أوْلَى من ذلك فلما امتنع المضمَرُ أن يقَع موقِعَ المُظْهَر بعد حتى كانت الجملةُ أحْرَى أن تمتنِعَ ولذلك اذا رأينا بعْدَ حتَّى جملةً قلنا إن حتَّى حرفٌ من حُرُوف الابتداءِ ولم نقُلْ إنها جارّة وقد كان لحتَّى موضِعٌ آخَرُ يقتضِى هذا البيانَ .... بينهما وبين .... (١) حيث اشتركتا في انتهاء الغاية ونظير حَتَّى والَى في أنَّ الى تضافُ الى المضمَر والمُظْهَر وأن حتى انما تُضاف الى المُظْهر حتى اذا جاء المضمَرُ أدَّت الاضافةُ الى الَى قولُهم باللهِ وبِهِ ولم يجز وهو ولا تَهُو وقد قدمت شرحَ ذلك وانما أعدتُه ههنا للتنظير والتنبيهِ على جِهَة الْاطباق في الاختلافِ والاتِّفاق (لَكِن) إثباتٌ وقد زعَم قومٌ أنهَا تَدارُكٌ بعد النفىِ وذلك غَلَط وانما الاثبات للكِنْ (لعَلَّ) طَمَعٌ وإشْفاقٌ فالطَّمَع كقولك لعلَّ اللهَ يرحَمُنا والاشفاقُ كقولك لعَلَّ العَدُوَّ يُدْرِكنا ومعنى (كَلَّا) رَدْع وزَجْر ومعنى (أَنَّى) كيْفَ وأيْنَ (لَمَّا) تكون على وجهَيْن أما أبو عثمان فقال هى تدُلّ على وُقُوع الشىءِ لوُقُوع غيْرِه وهى منصوبَة الموضِع بالظرفِ وهى
__________________
(١) بياض بالأصل