شيْأ بعْدَ شئ وليس من مُعالَجتِك الشىءَ بمرَّة واحدةٍ ولكنَّه في مُهْلة وأما تَغَفَّله فنحو تَقَعَّدَه لأنه يُريدُ أن يَخْتِله عن أمر يَعُوقُه عنه ويَتَملَّقُه نحوُ ذلك لأنه انما يُدِيره عن شئٍ وقالوا تَظَلَّمنِى ـ أى ظلَمَنِى مالىِ فبَناهُ على تَفعَّل كما قالوا جُزْتُه وجاوَزْته وهو يُرِيد شيْأ واحداً وقال الشاعر
تَظَلَّمِنى حَقِّى كذَا ولَوَى يَدِى |
|
لَوَى يَدَهُ اللهُ الذى هُو غالِبُهْ |
وقِلْتُه وأقَلْته ولِفْتُه وألَقْتُه ـ وهو اذا لَطَّخته بالطِّين وألَقْت الدَّواةَ ولِقْتُها وأما تَهَيَّبه فانَّه حَصَرٌ ليس فيه شىءٌ مما ذكَرْنا كما أنك تقُول استَعْليته لا تُرِيد الا عَلَوْته يُرِيد أنَّ تَهَيبه في معنَى هابَهُ ولم يُبْن على تفَعَّل لزيادةِ معنًى في فَعَل كما أن استَعْلَيته لم يَزِد معناه على عَلَوته وقوله فانه حَصَرٌ يريد أن الهَيْبةَ حَصْرٌ للانسانِ عن الاقْدامِ وأمّا تَخَوَّفه فهو أن تتَوَقَّع أمرا يقعُ بك فلا تأمَنُه في حالك الَّتى تكلَّمت فيها وأمَّا خافَ فقد يكونُ وهو لا يتَوقَّع منه في تلك الحالِ شيْأ* قال أبو على* فَرَق سيبويه بيْنَ تخَوَّفَ وخافَ ولم يَفْرُقْ بيْنَ تهَيَّبَ وهابَ* قال سيبويه* وأما تَخَوَّنَتَه الأيَّام فهو تنَقَّصَتْه وليس في تَخَوَّفْته من هذه المعانى شئٌ كما لم يكُن استَنْهيته في نَهْيته يريد أنَّه ليس في تخَوَّفته معنى خِفْته المطَلقِ كما لم يكُنْ في نهيْته معنَى استَنْهيتُه لأن استَنْهيته انما هو .... (١) وأمّا يَتَسَمَّع ويَتَحَفَّظُ فهو يتَبَصَّر وهذه الأشياء نحوُ يَتَجَرَّعُ ويتفَوَّقُ لأنها في مُهْلة يعنى أنه ليس تُصْنَع في مرَّةٍ واحدةٍ وانما هو شئٌ يتَّصِلُ ومعنى يَتَفَوَّق أنَّه يشرَبُه شيأ بعدَ شئٍ وهو مأخُوذ من الفُوَاق ومثلُ ذلك تَخَيَّره كأنَّه تمهَّلَ في اخْتِياره وأما التَّغَمُّج والتَّعَمُّق والتَذَكُّر فنحوٌ من هذا لأنه عَمَل بعد عمل في مُهْلة والتَغَمُّجُ ـ الشُرْب وأمَّا تنَجَّز حوائِجَه وستَنْجَز فهو بمنزِلة تَيَقَّن واستَيْقَن في شَرِكة استَفْعلْت فالاستِثباتُ والتَّقَعُّد والتَنقُّص والتنجُّز وهذا النحوُ كلُّه في مهلة وعمل بعد عمل وقد بَيَّن وجوه تفَعَّل الذى ليس في مُهْلة
باب موْضِع افتَعَلْت
تقول اشْتَوَى القومُ ـ أىْ اتَّخَذُوا شِوَاءً وأما شَوَيْت فكقولك أنْضَجْت وكذلك
__________________
(١) بياض بالأصل