وقالوا رَقَص رَقَصا كما قالوا طَلَب طَلَبا ومثله خَبَّ يَخُبُّ خَبَبا وقالوا خَبِيبا كما قالوا الذَّمِيل والصَّهِيل وقد جاء من الصوت شئٌ على فَعَلة نحو الرَّزَمة والجَلَبة والحَدَمة والوحَاة وقالوا الطَّيرَان كما قالوا النَّزَوانُ وقالوا نَفَيان المَطَر شبَّهوه بالطَّيَران لأنه يَنْفِى بجَنَاحَيْه والسَّحابُ ينفى أوَّلَ شئٍ رَشًّا أو بَرَدا ونَفَيانُ الرِّيح أيضا التُّرابُ وتَنْفِى المَطَر تُصَرِّفه كما تُصَرِّف الترابَ* ومما جاءت مصادِرُه على مثالٍ لتقَاربِ المَعانِى قولك يَئِسْت يَأْسا ويَأَسا ويَأَسةً وسَئِمْت سَأْما وسَأَما وسَأَمةً وزَهِدْت زَهْدا وزَهَادة فانما جُمْلة هذا لِتَرْك الشىءِ وجاءتِ الأسماءُ على فاعِلٍ لأنها جُعِلت من بابِ شَرِبْت ورَكِبت* قال أبو سعيد* قوله لأنها جُعِلت من باب شرِبت ورَكِبْت ينبغِى أن يكونَ ذكَر شَرِبت لأنه عَملٌ كما أن زَهدت عَمَل ويجوز أن يكون ذَكَر شرِبْت على معنى رَوِيت لأن رَوِيت انتهاءٌ وتَركٌ كسَئِمْت وقالوا زَهَدَ كما قالوا ذَهَب وقالوا الزُّهْد كما قالوا المُكْثُ وقد جاء أيضا ما كانَ من التَّرك والانْتِهاء على فَعِل يَفْعَل فَعَلا وجاء الاسمُ على فَعِلٍ وذلك أَجِمَ يَأْجَمُ أَجَما وهو أَجِمٌ ـ اذا بَشِمَ من الشىءِ وكَرِهه وسَنِقَ يَسْنَقُ سَنَقًا وهو سَنِقٌ كبَشِم وغَرِضَ يَغْرَضُ غَرَضا وهو غَرِضٌ وجاؤا بضِدِّ الزُّهْد والغَرَضِ على بِناء الغَرَض وذلك هَوِىَ يَهْوىَ هَوًى وهو هَوٍ وقالوا قَنِع يَقْنَع قَناعةً كما قالوا زَهِد يَزْهَد زَهادةً وقالوا قانِعٌ كما قالوا زاهِدٌ وقَنِعٌ كما قالوا غَرِضٌ لأن بِناءَ الفعْل واحدٌ وانه ضِدُّ تَرْكِ الشئ ومثلُ هذا في التقارُبِ بَطِن يَبْطَن بَطَنا وهو بَطِنٌ وبَطِينٌ وتَبِنَ تَبَنا وهو تَبِنٌ وثَمِل يَثْمَل ثَمَلا وهو ثَمِلٌ وقالوا طَبِنَ يَطْبَنُ طَبَنا وهو طَبِنٌ* وقال بعض النحويين* زيدت الياء في بَطِين للُزُوم الكسرةِ لهذا البابِ أى لفَعِل فصير بمنْزِلة المَرِيض والسَّقِيم وما أشبه ذلك وقالوا .... (١) انما هى خُلُق كالأشَر والفَرَحِ وهو لما يقَع في الجِسْم ومعنَى تَبِن فَطِنٌ أى ذلك من طَبْعه وسُوْسه وقال بعضهم تَبِنَ بَطْنُه اذا انتَفَخ
ومما جاء من الادواء على مِثَال
وَجِع يَوْجَعُ وَجَعا لتقَارُبِ المعانِى
__________________
(١) بياض بالأصل