فأوقَعُوهما على الأثَر والجَرْف ـ أن يُقْلعَ شئٌ من الجِلْد بحدِيد والقَرْمة ـ أن يُقْطَع شئٌ من الجلد يكون معَلَّقا عليه* ومن المصادر التى جاءت على مثالٍ واحدٍ حينَ تقاربت المعانِى قولُك النَّزَوانُ والنَّقَزانُ والقَفَزان وانما جاءت هذه الاشياءُ في زَعْزَعة البَدَن واهتِزازِه في ارتفِاعٍ وبابُ الفَعَلان أن يجىءَ مصدَرا فيما كان يَضْطَرِب ولا يجىءَ في غير ذلك ومثله العَسَلانُ والرَّتَكَانُ ـ وهما ضَرْبانِ من العَدْو وربَّما جاء ما كان فيه اضْطِرابٌ على غيْرِ الفَعَلان نحو النُّزَاء والقُمَاص كما جاء عليه الصوتُ نحو الصُّرَاخ والنُّبَاح لأن الصوتَ قد تكَلَّف فيه من نَفْسِه ما تكَلَّف من نَفْسه فى النَّزَوان ونحوِه وقالوا النَّزْو والنَّفْز كما قالوا السَّكْت والقَفْز لأن بِناءَ الفِعْل واحد لا يتعدَّى كما لا يتعَدَّى هذا ومثلُ ذلك الغَلَيَانُ والغَثَيانُ لأنّ النفْسَ تَضْطرِب وتَثُور وكذلك الخَطَران واللَّمَعَان لأنه اضْطِراب وتحرُّك واللهَبَانُ والصَّخَدان والوَهَجَانُ لأنه تحَرُّك الحَرِّ وثَوْرُه بمنْزِلة الغَلَيان وقالوا وَجَب قلْبُه وَجِيبا ووجَف وَجِيفا ورَسَم البعِيرُ رَسِيما ـ وهو ضَرْب من السَّيْرِ فجاء على فَعِيل كما جاء على فُعَال يعنى النُّزَاء والقُمَاص وكما جاء فَعِيل في الصوتِ مَجِىءَ فُعَال كالهَدِير والضَّجِيج والقَلِيخِ والصَّهِيل والنَّهِيق والشَّحِيج* قال* وأكثَرُ ما يكونُ الفَعَلان في هذا الضَّرْب ولا يجىءُ فِعْله يتعدَّى الفاعِلَ الا أن يشِذَّ شىءُ منه نحو شَنِئْته شَنأنًا وقالوا اللَّمْع والخَطْر كما قالوا الهَدْر فما جاء منه على فَعْل فهو الأصل وقد جاؤُا بالفَعَلان في أشياءَ تقارَبتْ في اشتِرَاكِها في الاضْطراب والحَرَكةِ كالطَّوَفَان والدَّوَرانِ والجَوَلان تشبيها بالغَلَيَان والغَثَيَان لأن الغَلَيان تقَلُّب ما في القِدْر وتصَرُّفه وقد قالوا الجَوْل والغَلْى وقالوا الحَيَدانُ والمَيَلانُ فأدخلوا الفَعَلان في هذا كما أن ما ذكَرْنا من المَصَادِر قد دخل بعضُها على بعضٍ وهذه الأشياءُ لا تُضْبَط بقِيَاس ولا بأمْر أحْكَمَ من هذا وهكذا مأخَذُ الخليل* قال بو على* يعنى أن الخَيَدانَ والمَيَلانَ شاذٌّ خارجٌ عن قياسِ فَعَلانٍ كما يخرج بعضُ المَصادِر عن بابه* قال* وقد يجُوز عِنْدِى أن يكونَ على البابِ لأنّ الحَيَدانَ والمَيلان انما هما أخْذٌ في جِهَة عادِلة عن جهةٍ أُخْرَى وهما بمنْزِلة الرَّوَغان وهو عَدْو في جهة المَيْل وقال بعضهم ـ لأن الحَيَدان والمَيَلان ليس فيهما زَعْزَعةٌ شديدةٌ وقالوا وثَبَ وثْبا ووُثُوبا كما قالوا هَدَأ هَدْءًا وهُدُوءًا