بين الخلائق وبين القبول منهم
(قال عبد المحمود) : من جملة ما وقفت عليه من تقبيح هؤلاء الأربعة المذاهب لذكر رسل الله وأنبيائه أنهم ينسبون آدم وحوا إلى الشرك ، ورووا في ذلك أخبارا ذكروها في كتبهم وتواريخهم ونقلوا منها طرفا في الجمع بين الصحيحين للحميدي في مسند أبي هريرة وغيره ، وذكروا في الجمع بين الصحيحين أخبارا في تقبيح ذكر الأنبياء عليهم السلام والرسل جملة وتفصيلا تنكرها عترة نبيهم ، بل تنكرها أعداء الإسلام من أهل الملل ويشهدون بتنزيههم عنها.
فمن ذلك ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند أبي هريرة في الحديث التاسع والثمانين بعد المائة من المتفق عليه إن ملك الموت لما جاء لقبض روح موسى لطمه موسى فقلع عينه. وأسنده البخاري ومسلم في صحيحيهما إلى نبيهم (١).
(قال عبد المحمود) : أفيجوز لذوي الألباب أن يعتقدوا في أنبياء الله ونوابه وخاصته وصفوته مثل هذا الاعتقاد ، ويصححون الأخبار بذلك؟ وهل يجوز أن يقال عن موسى عليه السلام مثل هذا؟ هكذا أدب الأنبياء مع رسل إله والسماء ، والله لو كان الرسول الذي جاء لموسى عليه السلام من بعض ملوك الدنيا أو من بعض رعيته ويعلم أن فيه مصلحته ، كما يعلم أن ملك الموت ما جاء إلا لمصلحته ما كان موسى عليه السلام يتلقى الرسول بقلع عينه وسوء الأدب معه ومع من أرسله إن عقول الذين يعتقدون بهذه الرواية سقيمة وأديانهم ذميمة. (وما يليق بالعقل هو ما روي عن موسى عليه السلام وذكره وهب بن منبه في كتاب المبتدأ فقال : لما فقد بنو إسرائيل موسى عليه السلام ، وتجسسوا عنه تجسسا شديدا واختلطوا واجتمعوا ، وما يدري من خلق الله أحد أين ذهب
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٤٢.