نهى عمر عن الصلاة لمن أجنب ولم يجد ماء
ومن طرائف ما شهدوا به أيضا على خليفتهم عمر من تغييره لشريعة نبيهم وجهله بها ما ذكره الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في مسند عمار بن ياسر في الحديث الثاني من المتفق عليه قال : إن رجلا أتى عمر فقال : إني أجنبت فلم أجد ماءا. فقال : لا تصل فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء ، فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت. فقال النبي " ص " : إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك فقال عمر : اتق الله يا عمار قال : إن شئت لم أحدث به ، فقال عمر : نوليك ما توليت (١).
(قال عبد المحمود) : فهذه خليفتهم عمر قد عاشر نبيهم وخالطه كثيرا من نبوته في حياته وبقي مدة بعد وفاته إلى أن صار يخاطب بأمير المؤمنين ، ومع هذا فلم يكن يعلم أن من فقد الماء للطهارة يتيمم بالتراب ، وقد كان الحكم في ذلك مشهورا في كتابهم في قوله " فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " (٢) وكان معلوما في شريعة نبيهم يعرفه أوليائهم وأعدائهم ولعل نساء أهل المدينة وكثيرا من أطفالهم يعرفون ذلك من شريعة الإسلام ، فكيف بلغ الجهل بخليفتهم عمر إلى هذه الغاية؟ وكيف حسن منهم أن يستصلحوا لخلافتهم من يكون كذلك؟.
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ١ / ٢٨٠ ، والبخاري في صحيحه ١ / ٨٧.
(٢) النساء : ٤٣.