أو يسكت عن مكابرته. فما أطرف أقدام هذا عمر على كسر حرمة رسولهم وأذيته ، وما أعجب احتمال كثير من المسلمين له على سوء صحبته.
إعراض النبي " ص " عن أبي بكر وعمر
ومن طريف رووه في إعراض نبيهم عن أبي بكر وعمر وعدم اهتمامه بحديثهما في حديث حرب بدر ما ذكره الحميدي أيضا في الجمع بين الصحيحين في الحديث السادس والعشرين من أفراد مسلم في مسند أنس بن مالك قال : إن رسول الله " ص " شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان ، قال : فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ، ثم تكلم عمر فأعرض عنه ـ الخبر (١).
(قال عبد المحمود) : هذه روايتهم في صحاحهم تشهد بسقوط منزلة هذين الرجلين في هذه غزوة بدر التي كانت أصل الإسلام ، فمن يروي عنهما ويشهد عليها بمثل هذه الشهادة كيف استصلحهما للخلافة بعد نبيهم؟ وقد عرفت أن هذه منزلتهما عنده ، ولا يقال إن أبا سفيان ما حضر بدرا فإن الحديث المذكور يتضمن أن نبيهم بلغه أولا إقبال أبي سفيان فلما بلغ إلى بدر بلغه حال أبي جهل ، وإنما اقتصرت على بعض الحديث لأنه طويل وفيه تكرار.
ومن طريف ما رأيت من المناقضة لهم في ذلك إن بعض جهالهم إذا قيل له ما ترى لأبي بكر وعمر اسما مشكورا في حرب بدر ولا جريحا ولا قتيلا فيقولون إنهما كانا أو أحدهما في عريش مع نبيهم يشاورهما ويستضيئ برأيهما.
وهذه الرواية عن أنس بن مالك في صحيح مسلم يكذب هذه الدعوى ، لأن من أعرض عنهما قبل وقت الحرب ولم يستصلحهما للحديث في ذلك ولا
__________________
(١) مسلم في صحيحه : ٣ / ١٤٠٣.