معرفة النبي " ص " باطن عمر
ومن طرائف أحاديثهم الدالة على أن نبيهم كان يعرف من عمر الشك في نبوته ومعرفة عمر ذلك من نبيهم ، ما ذكره الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في مسند جابر بن عبد الله الأنصاري في الحديث الرابع عشر من المتفق عليه على صحته. قال جابر: إن أباه قتل يوم أحد شهيدا ، فاشتد الغرماء في طلب حقوقهم ، فأتيت رسول الله " ص " فكلمته فسألتهم أن يقبلوا ثمن حايطي ويحللوا أبي ، فلم يوافقوا فلم يعطهم رسول الله حايطي ولم يكسر عليهم ، ولكن قال : سأغدو عليكم ، فغدا علينا رسول الله " ص " حين أصبح فطاف في النخل ودعا في ثمرها بالبركة ، فجذذتها فقضيتهم حقوقهم وبقي لنا من ثمرها بقية ، ثم جئت رسول الله " ص " فأخبرته بذلك ، قال رسول الله لعمر وهو جالس : إسمع يا عمر. فقال عمر : أن لا يكون نكن قد علمنا أنك رسول الله فوالله إنك رسول الله ـ هذا لفظ الحديث.
(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب : أنظر إلى تقدير نبيهم لعمر وإفهامه أنه يعرف سوء باطنه وتركيب الحجة عليه في ظهور معجزاته الدالة على نبوته بقوله إسمع يا عمر ، وتعجب من معرفة عمر لمراد نبيهم من ذلك وقول عمر له أن لا يكون نكن فوالله قد علمنا إنك لرسول الله ، فوالله إنك رسول الله ثم انظر إلى يمين عمر ليزيل سوء اعتقاد رسولهم فيهم وتفكر في جهل عمر إن رسل الله لا يطعنون في باطن أحد إلا بطريق أن الله أعلمهم بذلك وأن هذا لا يدفع بيمين ، ثم تعجب من إقدام عمر على رسولهم وطعنه في اعتقاده فيه ، وقد كان يجب على عمر إن كان قد تحقق صحة رسالته بعد سوء اعتقاد نبيهم فيه أن يوافق رسولهم على سوء الاعتقاد فيه ثم يتوب ويعود إلى الاعتراف برسالته