اعتراف عمر بأنه كان مشغولا عن معرفة الشريعة
بالصفق بالأسواق
ومن طرائف ما رووه وشهدوا على خليفتهم عمر واعترافه بأنه كان مشغولا عن نبيهم وعن معرفة شريعته بالبيع والشراء ومطامع دار الفناء ، ما ذكره الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين أيضا في مسند أبي سعيد الخدري في الحديث الثامن والعشرين من المتفق عليه ما معناه : أن أبا موسى استأذن على عمر بن الخطاب ثلاث فلم يأذن له فانصرف فقال عمر: ما حملك على ما صنعت؟ قال : كنا نؤمر بهذا ، قال : لتقيمن على هذا بينة أو لأفعلن. فشهد له أبو سعيد الخدري بذلك عن النبي " ص " فقال عمر : خفى على هذا من أمر رسول الله ألهاني عنه الصفق بالأسواق (١).
(قال عبد المحمود) : أتراه ما كان يستحي من أبي موسى الأشعري أو من الله تعالى حيث يستعظم منه روايته صورة الإذن عن نبيهم ، وقد قال عمر عن نبيهم كثيرا من الأحكام بخلاف شريعته ولم يستعظم لنفسه ذلك ، وما هذا الاستعظام وقد قبلوا روايات أبي موسى وصححوها فهلا كان هذه الرواية أيضا يقتدي بغيره من الروايات ، ومن كان يعلم من نفسه أنه كان مشغولا عن نبيهم وعن شريعته بالبيع والشراء كيف يستبعد أن يعلم أبو موسى وغيره ما لم يعلم ، ومن كان يجهل أمورا مشهورة من شريعة نبيهم كما تقدم شهادتهم عليه كيف يستبعد جهله بصورة حال الإذن المذكور ، إن هذا من عجائب الأمور.
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ٣ / ١٦٩٦ ، والبخاري في صحيحه : ٧ / ١٣٠.