فيا لله والعجب أيها المسلمون وأيها العقلاء ، أنظروا إلى هذا الاختلاط والاختلاف ، تارة يقولون إن الاختيار إلى صلحاء الأمة وعلمائها وتارة يقنعون باختيار وحده لأبي بكر ، وتارة يروون أن أبا بكر اختار وحده عمر وأبا عبيدة في ذلك اليوم ، إن ذلك من عظائم الافراط وقبيح الاختلاط.
ومن طريف ذلك أن هذه الرواية التي قد شهدوا بصحتها تشهد أن أبا بكر توصل إلى الخلافة بخديعة للأنصار والمكر بهم والغرور والخيانة بهم ، وأطمعهم أنهم الوزراء ، فلما تمكن مما أراد غدر بهم وقدح في شهادته لهم باستحقاق الوزارة ودفعهم عنها ، ولم يستوزر أحدا منهم.
ومن طريف ذلك أن المعلوم من دين المسلمين أنه لا يجوز أن يكون لهم في وقت واحد إلا إمام واحد ، فتجب أن يكون المجتمعون في السقيفة الذين قالوا منا أمير ومنكم أمير والراضون بقولهم ضالين ، وإذا كانوا ضالين فكيف انعقدت بيعة أبي بكر بقوم ضالين ، وذلك لا يصح عند كافة المسلمين ، فإنهم كانوا بين قائل بذلك وبين تارك للإنكار إلى أن حدث من المكر بهم والمغالبة بهم.
مبادرة أبي بكر وعمر إلى طلب الخلافة قبل تجهيز نبيهم
ومن طرائف المتجدد في تلك الأوقات أن الخليفتين عندهم أبا بكر وعمر يتركان نبيهما ومن كان سببا فيما بلغا إليه من الدنيا ميتا بين بني هاشم ، ولم يصبرا لقضاء بعض حقوقه ولا مواساة بني هاشم ولا مشاركتهم في تجهيزه ، ويبادر الخليفتان المذكوران إلى طلب الدنيا الفانية قبل فراغ بني هاشم من تجهيز نبيهم ، ولا يكون عندهما من المراقبة لله والحياء من أهل بيت نبيهم وحسن الصحبة أن يصبروا عن طلب الخلافة حتى يدفن نبيهم ، إن هذا مما يتعجب منه أهل