أقوم بالأمور كلها مع نقصه في حياته عن القيام ببعضها.
ومن طرائف ذلك أن الله تعالى يكون عالما أن أبا بكر لا يصلح لتأدية سورة براءة ، ثم يتركه يتورط في الطريق ويظهر للناس توجهه ، ثم يأمر نبيه بإعادته وعزله وإظهار أنه لا يصلح ، وقد كان يمكن قبل تسليم الآيات إليه أن يوحي إلى نبيهم فيقال له : أنفذها مع علي أبي طالب عليه السلام ، ولسان الحال يشهد أن في ترك الله لأبي بكر حتى يتوجه وإعادته من الطريق وإظهار أنه لا يصلح دليلا على أن الله أراد كشف حال أبي بكر ونقصه عن المراتب اليسيرة لئلا يستصلحه أحد للولاية الكبيرة وليحتج الله عليهم بذلك يوم الحساب ، فكيف خفى هذا عند ذوي الألباب.
ومن طرائف الأمور أنهم ذكروا أن نبيهم أعقل العقلاء وأفضل الأنبياء ، ومع ذلك ادعوا أنه ما اختار لهم من يقوم مقامه ، ولا قال لهم اختاروا أنتم كما تقدم ذكره عنهم ، والعقول تشهد أنه لو أراد أن يختاروا لأنفسهم لقال لهم ذلك ، ثم ما رأيناهم علموا هذا أيضا لأنا رأينا كتبهم التي يسمونها صحاحا تشهد عليهم أن جماعة من المهاجرين والأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة بالمدينة.
وقد ذكر ذلك الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عائشة من جملة الحديث الحادي والعشرين وقالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ، فحضر أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ومنعوهم من ذلك ، وقال أبو بكر في كلام للأنصار : نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال حباب بن منذر : لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر : لا ولكنا الأمراء. وأنتم الوزراء. ثم بادر أبو بكر واختار هو وحده عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة الجراح ، وقال : بايعوا عمر أو أبا عبيدة فقال عمر بل نبايعك ، فبايعه عمر وأبو عبيدة وعقد عمر وحده الخلافة لأبي بكر واختاره.