إن هذا من أعجب الطرائف.
ومن الطرائف أن نبيهم مات وقد جعل عمر رعية لأسامة بن زيد محكوما عليه بلا خلاف بين المسلمين ، فيعكسون ذلك ويجعل أبو بكر عمر هو الوالي على أسامة وعلى جميع المسلمين ، ولا يلتفت إلى ما دبره نبيهم وارتضاه ، إن ذلك من طرائف ما عرفناه.
ومن طرائف ما رواه في سبب بيعة أبي بكر لعمر وذكره جماعة من أصحاب التواريخ وحكاه ابن عبد ربه في المجلد الرابع من كتاب العقد فقال ما هذا لفظه : إن أبا بكر حين حضرته الوفاة كتب عهده ، وبعث به مع عثمان بن عفان ورجل من الأنصار ليقرأه على الناس ، فلما اجتمع الناس قاما فقالا : هذا عهد أبي بكر فإن تقروا به نقرأه وإن تنكروه نرجعه ، فقال طلحة بن عبيد الله : اقرأه وإن كان فيه فقال له عمر : بما علمت ذلك فقال: وليته أمس وولاك اليوم (١).
(قال عبد المحمود) : فلم ينكر عمر هذا القول ولا أحد من الصحابة على طلحة فكأنه إجماع على سبب ولاية أبي بكر لعمر لأجل أنه ولاه يوم السقيفة ، وفي ذلك ما فيه من الشناعة.
في استقالة أبي بكر من الخلافة
ومن طرائف ما رأيت في كتبهم أن أبا بكر استقال من الخلافة فقال : أقيلوني أقيلوني فلست بخيركم وعلى فيكم ، فيا لله ما أعجب ذلك ممن يكون مستقيلا منها في حياته كيف يقلدها غيره بعد وفاته وينص على عمر ، وقد كان يستصوب عمر غير ما يستصوبه أبو بكر ، فمن ذلك أنه اختار لعمر أو لأبي عبيدة الخلافة
__________________
(١) العقد الفريد : ٢ / ٢٠٨ ط الأزهرية بمصر.