أحدا يقول عن أبي بكر وعمر أو أحد الصحابة أنه كذب ثلاث كذبات أما كانوا يكذبون الحديث في ذلك؟ ويقدحون في القائل؟ ويسقطون رواية من يرويه؟ فكيف استجازوا أن يصححوا عن الأنبياء ما يكذبونه عن بعض الصحابة؟ إن هذا من تناقضهم الهائل واختلافهم الباطل.
ومن ذلك في المعنى ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث السابع والأربعين بعد المأتين من المتفق عليه من مسند أبي هريرة أن رسول الله " ص " قال : لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات ثم شرحها أبو هريرة في حديثه عن نبيهم (١).
(قال عبد المحمود) : سوءة لمستمع الحديث هذا على وجه التصديق به ، وسوءة لراويه ومصححه ، والله ما كان نبيهم بهذه الصفات ، ولقد رأيت في كتابهم وأحاديثهم عنه أنه نهى عن ذم الدواب التي لا تعقل ، وأنه ما ذم طعاما قط ولو كان مذموما ، فكيف يقال عن من تنزه عن ذم طعام مذموم ونهى أصحابه عن الغيبة وعن ذم الدواب والناس ، أنه يصرح بالشهادة على إبراهيم أنه كذب معاذ الله من سوء عقائد هؤلاء الأربعة المذاهب.
ومن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الثامن والخمسين من المتفق عليه من مسند أبي هريرة قال : إن النبي " ص " قال : نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال : رب أرني كيف تحيي الموتى قال : أو لم تؤمن قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي ، قال ويرحم الله لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد ، ولو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي (٢).
(قال عبد المحمود) : وكيف يجوز لأهل الملة أن يصححوا عن نبيهم
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٤٠.
(٢) رواه مسلم في صحيحه : ١ / ١٣٣ و ٤ / ١٨٣٩.